حديث الجيش الإسلامي عن الإعجاب بالكثرة في غزوة حنين.

اقرأ في هذا المقال


حديث الجيش عن الإعجاب بالكثرة:

لقد تكلمت بعض عناصر من الجيش النبوي الشريف ما يشبه الزهو والمفاخرة والغرور بكثرة ذلك الجيش، ويوحي ذلك بغفلة بعض من القلوب عن الله سبحانه تعالى وذلك نتيجة الإعجاب بالكثرة، فعاقبهم الله بالهزيمة في البداية التي ردتهم إليه سبحانه وتعالى .

فقد جاء في العديد من كتب التفسير والسير والتاريخ أنّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عندما فصل من مكة المكرمة قلة باثني عشر ألف مقاتل، قال رجل من أصحابه الكرام وذلك بلهجة المتعجب: “لو لقينا بنی شیبان ما ہالينا، ولا يغلبنا اليوم أحد من قلة “، وقد ذكر بعض المؤرخين أنّ أبا بكر الصديق قال: “يا رسول الله لن تغلب من قلة”.

والخلاصة في ذلك هو أنّ كثرة المسلمين قد أعجبتهم وغرتهم وأدى ذلك الوصول إلى مرحلة الغرور والمفاخرة في نفوس بعض العناصر منهم، ممّا أدّى إلى الهزيمة في المرحلة الأولى من معركة حنين.

وهذه حقيقة أشار إليها القرآن الكريم بكل وضوح . فقال تعالى: “لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ….ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ….ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.

قال العالم الكبير سيد قطب رحمه الله عز وجل في كتابه في ظلال القرآن: “ثم لمسة للمشاعر بالذكرى وباستعراض صفحة من الواقع الذي عاشه المسلمون إذ ذاك منذ قريب يوم حنين، يوم غفلت قلوب المسلمين لحظات عن الله مأخوذة بالكثرة في العدد والعتاد ليعلم المؤمنون أن التجرد لله وتوثيق الصلة به هي عدة النصر التي لا تخذلهم حين تخذلهم الكثرة في العدد والعتاد وحين يخذلهم المال والإخوان والأولاد”.

ثم يقول مشيراً إلى ما ذكره القرآن من نتائج غرور المسلمين بکثرتهم: “والنص يعيد عرض المعركة بمشاهدها المادية وبانفعالاتها الشعورية (وإذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا ، وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرین )و فمن انفعال الغرور بالكثرة إلى زلزلة الهزيمة الروحية ، إلى انفعال الضيق والحرج حتى لكأن الأرض كلها تضيق بهم وتشد عليهم . إلى حركة الهزيمة الحسية ، وتولية الأدبار والنكوص على الأعقاب( و ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين )هو وكأنما السكينة رداء ينزل فيثبت القلوب الطائرة ، ويهدئ الانفعالات الثائرة  (وأنزل جنودة لم تروها) فلم تعلم  ماهيتها وطبيعتها – وما يعلم جنود ربك إلا هو – (ووعذب الذين كفروا) بالقتل والأسر والسلب والهزيمة( وذلك جزاء الكافرين )”.


شارك المقالة: