لقدْ كانَ في حديثِ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كثيرٌ منَ الشّواهدِ التّي بيّنَ فيها عليه الصّلاةُ والسّلامُ كثيراً منْ أحكامِ الأطعمةِ والأشربةِ في الإسلامِ، وقدْ حرصَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ على تعليمها للصّحابةِ الّذينَ نقلوها إلينا لكثيرٍ منَ الحكمِ الّتي تبعدهمْ عنِ الشّيطانِ ولأسبابٍ في صحّته، وسنعرضُ حديثاً في آدابِ الطّعامِ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا عليُّ بنُ عبدِ اللهِ، أخبرنا سفيانُ، قالَ الوليدُ بنُ كثيرٍ: أخبرني أنّهُ سمعَ وهبَ بنَ كيسانَ، أنّهُ سمعَ عمرَ بنَ أبي سلمةَ يقولُ: كنتُ غلاماً في حجرِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، وكانتْ يدي تطيشُ في الصّحفةِ، فقالَ لي رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “يا غلامُ، سمِّ اللهَ، وكلْ بيمينكَ، وكلْ ممّا يليكَ”. فما زالتْ تلكَ طعمتي بعدُ)). رقمُ الحديث: 5376.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في كتابِ الأطعمةِ، بابُ: (التّسميةِ على الطّعامِ، والأكلِ باليمينِ)، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عمرُ بنُ أبي سلمةَ القرشيُّ، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا رجالُ سندِ الحديثِ البقيّةِ:
- عليُّ بنُ عبدِ اللهِ: وهوَ أبو الحسنِ، حيّةُ الوادي، عليّ بنُ عبدِ اللهِ السّعديُّ (161ـ234هـ)، وهوَ ماعرفَ عندَ المحدّثينَ بعليِّ بنِ المدينيِّ، وهوَ منْ ثقاتِ الرّوايةِ للحديث منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- سفيانُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سفيانُ بنُ عيينةَ الهلاليُّ (107ـ198هـ)، وهوَ من المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباع التّابعينَ.
- الوليدُ بنُ كثيرٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، الوليدُ بنُ كثيرٍ المخزوميّ (ت: 151هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- وهبُُ بنُ كيْسانَ: وهوَ أبو نُعيمٍ، وهبُ بنُ كيسانَ القرشيُّ (ت: 127هـ)، وهوَ منْ رواة الحديثِ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى آدابِ تناولِ الطّعامِ في الإسلامِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ لابنِ أبي سلمةَ عندما جلس يأكلُ ويدهُ تمتدُّ إلى سائر الطّعامِ في الإناءِ في الحديثِ كثيراً منْ آدابِ الطّعامِ وهي:
- التّسميةُ: وهي أنْ يسمِّ الله ويقولُ بسمِ الله الرّحمنِ الرّحيمِ، وحكمةُ التّسميةِ أنْ لا يشاركهُ الشّيطانُ في هذا الطّعامِ، وأنْ لا يُلْحقَ به هذا الطّعامُ المضرّةَ والداء.
- الأكل باليمين: وقدْ ذهبَ كثيرٌ منْ أهلِ العلمِ على وجوبِ الأكلِ باليمينِ، ومنهمْ من ذهبَ إلى النّدبِ في ذلكَ، والحكمةُ في ذلكَ أنّ الشّيطانَ يأكلُ بشمالهِ، ويشاركُ الطّعامَ كلَّ منْ تناولهُ بشماله.
- تناول الطعامِ الّذي يليه: وفي ذلكَ تنزيهُ للنّفسِ ممّا انغرستْ به أيدي النّاسُ، وعدمُ التّعدّي على حصّةِ الغيرِ الّتي تُعدُّ منْ العاداتِ السّيئةِ، وهذا مخالفُ لطبيعة المسلمِ في خفّةِ أطباعه وعدمِ شهوانيّته الزّائدةِ.
وقدْ بيّنَ الرّاوي أنّ ذلكَ كانَ طبعه ومنهجهُ في الأكلِ بعدَ ذلكَ امتثالاً لقولِ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ، وعلى المسلمُ الاقتداء بذلكَ لما فيه خيرٌ له وبعدُ لهُ عنِ الشّيطانِ وشروره.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ من الحديث:
- حرصُ الإسلامِ على تهذيب النّفس الإنسانيّةِ وتعليمها آداب الطّعام والشّراب.
- منْ آداب الطّعام: التّسميةُ والأكلُ باليمين وتناول الّذي يلي الآكلُ.