لقدْ جاءَ الإسلامُ مهذّباً للنّفسِ البشريّةِ منَ الاعتداءِ والوحشيّةِ، وقدْ بيّنَ الإسلامُ للنّاسِ مالهمْ وما عليهمْ منَ الحقوقِ والواجباتِ، وقد جاءَ في الحديثِ النّبويِّ الشّريفِ أنّ منْ أبغضِ النّاسِ إلى اللهِ تعالى ثلاثةٌ اجتنبوا المعاصي مستحلّينَ لها وقاموا بالاعتداءِ على حقوقِ غيرهمْ، وطلبوا حقوقَ الغيرِ منْ غيرِ حقٍّ وسلطانٍ، وسنعرضُ حديثاً في أبغضِ النّاسِ إلى اللهِ.
الحديث
أوردّ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو اليمانِ، أخبرنا شعيبٌ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ أبي حٌسينٍ، حدّثنا نافعُ بنُ جبيرٍ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليهُ وسلّمَ قال: “أبغضُ النّاسِ إلى اللهِ ثلاثةٌ: ملحدٌ في الحرمِ، ومبتغٍ في الإسلامٍ سنّةَ الجاهليّة، ومطَّلِبُ دمُ امرئٍ بغيرِ حقٍّ لِيُهريقَ دمُهُ”)). رقمُ الحديث:6882.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الدّيّاتِ، بابُ: (منْ طلبَ دمَ امرئٍ بغيرِ حقٍّ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عبّاسِ بنِ عبدِ المطّلبِ رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ حبرُ الأمّةِ ومنْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ النّبويِّ، أمّا بقيّةُ رواةِ سندِ الحديث:
- أبو اليمان: وهو الحكمُ بنُ نافعٍ البهرانيُّ (138ـ221هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- شعيبٌ: وهوَ أبو بشرٍ، شعيبُ بنُ أبي حمزةَ دينارٍ القرشيّ (ت:162هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّوايةِ منَ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- عبدُ اللهِ بنُ أبي حسينٍ: وهوَ عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرّحمنِ المكّيُّ القرشيّ، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ النّبويِّ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
- نافعُ بنُ جبيرٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، نافعُ بنُ جبيرُ بنُ مطعمٍ القرشيّ (ت:99هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ في الرّواية للحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى ثلاثةِ عدّهمْ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منْ أبغضِ النّاسِ إلى اللهِ تعالى، وقدْ كانَ بغضُ اللهِ تعالى لهمْ لعدوانيّتهم للفطرةِ وللنّاسِ ولحقوقِ الغيرِ وهم:
- ملحدٌ في الحرمِ: وهوَ منْ ارتكبَ الكبائرَ واستحلّها واعتدى على حدودِ اللهِ بالظّلمِ عاصياً فيها.
- مبتغي سنّة الجاهلية: وهوَ منْ أرادَ نشرَ شريعةِ وسنّةِ الجاهليّةِ الّتي جاءَ الإسلامُ ماحياً لها محرّماً لها.
- طالبُ دمِ امرئٍ بغيرِ حقٍّ: وهوَ منْ أرادَ ازهاقَ نفسِ بغيرِ وجهٍ حقِّ وهوَ قتلُها منْ غيرِ وجهٍ مشروعٍ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائد المستفادة منَ الحديث:
- حرمةُ الكبائرِ وبغضُ اللهِ تعالى لصاحبها.
- حرمةُ نشرِ وإشاعةِ ما جاءَ الإسلامُ ماحياُ له ومحرّماً.
- حرمةُ قتلِ الغيرِ بغيرِ حقٍّ.