لقدْ أخبرَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أصحابهُ بكثيرٍ منْ أخبارِ الأمّةِ في آخرِ الزّمانِ، وأنّ السّاعةَ لنْ تقومَ إلّا وكثر في الأمّةِ الفتنُ والملاحمُ الّتي تحولُ بينَ المسلمِ ودينهِ، وأخبرهمْ أنّ النّجاةَ بالاعتصامِ بالكتابِ والسّنّة، وممّا أخبرَ به عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّ الأمّةَ ستتّبعُ سننَ أهلِ الكفرِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
روى الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدّثنا ابنُ أبي ذئبٍ، عنِ المقبريِّ، عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “لا تقومُ السّاعةُ حتّى تأخذَ أمّتي بأخذِ القرونِ قبلها، شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعِ”. فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، كفارسَ والرّومِ؟ فقال: “ومنِ النّاسُ إلّا أولئكَ”)). رقمُ الحديث: 7319.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الاعتصامُ بالكتابِ والسّنّةِ، بابُ: (قولِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “لتتبعنّ سننَ منْ كانَ قبلكمْ”)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ النّبويِّ، أمّا رجالُ سندِ الحديثِ الآخرونَ:
- أحمدُ بنُ يونسَ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، أحمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ يونسَ التّميميُّ (133ـ227هـ)، وهوَ من رواةِ الحديثِ الثّقاتِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ أبي ذئبٍ: وهوَ محمّدُ بنُ عبدِ الرّحمنِ بنِ المغيرةِ القرشيّ (80ـ158هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقات منْ أتباع التّابعينَ.
- المقبريُّ: وهوَ أبو سعدٍ، سعيدُ بنُ كيسانَ المقبريُّ (ت:123هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ ثقاتِ التّابعينَ في رواية الحديثِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويّ المذكورُ إلى خبرٍ منْ أخبارِ الغيبِ وعلاماتِ السّاعةِ، وقدْ أخبرَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنَّ السّاعةَ لنْ تأتي حتّى تستنَّ أمَّةُ الإسلامِ بسننِ وأعرافِ منْ سبقوها منْ أهلِ الكفرٍ، ويكونُ إتباعهمْ لهمْ في كلِّ صغيرةٍ وكبيرةِ، وقدْ بيّنَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ كثرةَ اتباعهمْ بوصفه شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ وهوَ ما يقاسُ به الطّريقُ نسبةً إلى طريقِ اتباعهمْ، وقدْ بيّن عليه السّلامُ أنّ منْ همْ قبلَ الأمّةِ همُ أهلُ فارسَ والرّومِ، وفي روايةٍ أخرى اليهودُ والنّصارى الّذينَ على ملّةِ الكفرِ والعياذ بالله.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- الإخبارُ عنْ فتنةِ الأمّة باتباعِ أهل الكفرِ.
- وجوبُ الالتزامِ بالكتابِ والسّنّة لتجنّبِ الفتنِ.