لقد خلقَ اللهُ الجنَّةَ والنَّارَ جزاءً للإنْسانِ بما عملَ في الدُّنيا، وقدْ كتبَ في علمهِ القديمِ أهلَ كلٍّ منهما بما كانَ منْ عملٍ لهمْ في الدُّنيا، وأخبرَ اللهُ تعالى نبيَّهُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذلكَ وهوَ منْ علمِ الغيبِ، وسنعرضُ حديثاً منْ أحاديثهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في أكثرِ أهلِ النَّارِ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كِتابِ الإيمانِ: ((حدَّثَنا عبد اللهِ بنُ مسلمةَ، عنْ مالكٍ، عنْ زيدِ بنِ أسلمَ عنْ عطاءِ بنِ يسارٍ، عنِ ابنِ عبَّاسِ قالَ: قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (أريتُ النَّارَ فإذا أكثرُ أهلها النِّساءُ يكْفرنَ). قيلَ: أيكفرنَ باللهِ؟ قال: (يَكْفُرْنَ العشيرَ، ويكفرنَ الإحسانَ؛ لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدَّهرَ، ثمَّ رأتْ منْكَ شيئاً قالت: ما رأيتُ منكَ خيراً قطُّ). رقمُ الحديثِ: 29)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرْويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ رحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كِتابِ الإيمانِ، بابُ كفرانِ العشيرِ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنْهما، وهوَ ابنُ عمِّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ومنْ لُقِّبَ بحبرِ الأمَّةِ، وهوَ منْ أكثرِ الرُّواةِ للحديثِ عنِ النَّبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ منَ الصَّحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم، وأمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهم:
- عبدُ اللهِ بنُ مسلمة: وهوَ أبو عبدِ الرَّحمنِ، عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ القعنبيُّ (ت:220هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
- مالكٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ الأصبحيُّ المدنيُّ (93ـ179هـ)، وهوَ منَ الرُّواةِ للحديثِ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- زيدُ بنُ أسلمَ: وهوَ أبو أسامةَ، زيدُ بنُ أسلمَ القرشيُّ(ت:136هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ التَّابعينَ.
- عطاءُ بنُ يسارٍ: وهوَ عطاءُ بنُ يسارٍ الهلاليُّ (19ـ94هـ)، وهوَ منَ التَّابعينَ في روايةِ الحديثِ عنِ الصَّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في الحديثِ إلى رؤيةٍ منَ الوحيِّ الإلاهيِّ لأهلِ النَّارِ، وقدْ رآى عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّ أكثرَ أهلها النِّساءُ، والسَّببُ في كثرةِ النِّساءِ هو كُفرهنَ وجحودُهنَّ لأزواجهنَّ، وجحودهنَّ وإنكارهنَّ لما وجدوهُ منْ إحسانٍ مهما كثرَ، وفي هذا دعوةُ للمرأةِ بحسنِ التَّعاملِ معْ العشيرِ وهوَ الزَّوجُ ووجوبُ الإحسانِ إليهِ.
ما يرشد إليه الحديث:
- وجوبُ الإحسانِ إلى الأزواجِ منَ النِّساءِ.
- صدقٌ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وتاييدهِ بالوحيِّ الإلاهيِّ.
- المرأةُ مجبولةُ على العاطفة، وعلى الرَّجلِ الإحسانُ إليها.