حديث في استحباب التيامن في الشرب

اقرأ في هذا المقال


لقدْ كانَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللُه عليه وسلَّمَ مدرستهُ التَّعليميَّةِ في التشريعِ والأخلاقِ، وكانّ للصَّحابةِ الفضلُ في مرافقتِهِ والتَّعلُّمِ منهُ، فلمْ يتركوا شاردةً ولا واردةً إلَّا سألوهُ عنها وتعلَّموها منهُ، حتَّى قيلَ لهمْ منَ النَّاسِ: ((عجباً لأمر نبيِّكمْ يعلِّمكمْ حتَّى الخِراءة)، ومنَ الدّروسِ الّتي تعلَّمها الصَّحابةُ منهُ تعاليمَ الشُّربِ والأكلِ، وسنعرضُ حديثاً في التَّيامنِ في الشُّربِ.

الحديث:

يروي الإمامُ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ الأشربة: ((حدَّثَنا إسماعيلُ، قال: حدَّثَني مالكٌ، عنِ ابنِ شهابٍ، عنْ أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنْهُ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أُتيَ بلبنٍ قدْ شيبَ بماءٍ، وعنْ يمينِهِ أعرابيٌّ، وعنْ شمالِهِ أبو بكرٍ، فشربَ ثمَّ أعطى الأعرابيَّ، وقالَ: (الأيمنَ فالأيمنَ). رقمٌ الحديثِ: 5619)).

ترجمة رجال الحديث:

الحديثُ المذكورُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كتابِ الأشربةِ، بابُ الأيمنَ فالأيمنَ في الشُّربِ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ الجليلِ أبي حمزةَ أنسِ بنِ مالكٍ بنِ النضرِ الأنصاريِّ، خادمُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ومنْ أمكثرِ الصَّحابةِ روايةً للحديثِ، وأمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهم:

  • إسماعيلُ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، إسماعيلُ بنُ عبدِ اللهِ الأصبحيُّ المدنيُّ (139 ـ 226هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في الحديثِ.
  • مالكٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، مالكُ بنُ أنسٍ الأصبحيُّ (93 ـ 179هـ)، إمامُ دارِ الهجرةِ وصاحبُ المذهبِ المالكيِّ، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ أتباعِ التَّابعينَ.
  • ابنُ شهابٍ: وهوَ أبو بكرٍ، محمَّدُ بنُ مسلمٍ، المعروفِ بابنِ شهابٍ الزُّهريِّ (50 ـ 125هـ)، وهوّ منْ كبارِ التَّابعينَ في الحديثِ والرِّوايةِ.

دلالة الحديث:

يشيرُ الحديثُ إلى أدبٍ منْ آدابِ الشُّربِ معَ الجماعةِ، وفي الحديثِ قصَّةُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عنْدما عُرضَ عليهِ بشرابٍ منْ لبنِ خُلطَ بالماءِ، وخلطُ اللَّبنِ بالماءِ لتخفيفِ حرارتِهِ، حيثُ ينزلُ اللبنُ حاراً لمناخِ الجزيرةِ العربيَّةِ الحارِّ، وبعدما جيءَ بهِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وكانَ وسطَ أناسٍ، وكانَ عنْ يمينِ النَّبيِّ أعرابيُّ وعنْ شمالِهِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقَ، فأعطى الشَّرابَ للأعرابيِّ الّذي عنْ يمينهِ ثمَّ أمرَ أنْ يكونَ الدَّورُ في الشُّربِ عنِ اليمينِ، الأيمنَ فالأيمنَ.

وفي هذا أدبُ منْ أدابِ الشُّربِ واستحبابُ التَّيامنِ في الأمورِ الدَّنيويةِ الجماعية، وقدْ وردَ منْ طريقِ آخرَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أتيَ لهُ بشرابٍ وعنْ يسارهِ الأشياخَ، وكانَ هنالكَ صبيٌّ عنْ يمينهِ فاستأذنهُ فلمْ يقبلَ، فأعطاهُ النَّبيَّ الشَّرابَ فشربَ، وفي هذا أيضاً جوازُ الإستئذانِ بتقديمِ الكبارِ على الصِّغارِ في ذلك.

ما يرشد إليه الحديث:

منَ الدُّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديثِ:

  • التَّيامنِ في الشُّربِ معَ الجماعةِ ابتداءً منْ اليمين.
  • تقديمُ الشَّرعِ وأحكامهِ وآدابهِ، فلمْ يعطَى أبا بكرٍ الشَّرابَ لحسبهِ ونسبهِ ومكانتهِ.
  • للشَّرابِ والطَّعامِ آدابُ في الإسلامِ تنظِّمُ للمسلمِ حياتهُ في هذا الجانبِ.

شارك المقالة: