إنّ للسّاعة واقتراب اليومِ الآخر علاماتٍ كثيرةً بيّنَ منها الله تعالى في كتابه العزيز، وعلّمها النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أصحابه إيّاها في كثيرٍ منْ شواهدِ الحديثِ النّبويِّ، قدْ بيّنَ لهمْ في زمنهِ اقترابها، وسنعرضُ حديثاً في اقتراب أشراطِ السّاعة وفتح ردم يأجوجَ ومأجوجَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ اللهُ في الصّحيح: ((حدّثنا عمرو النّاقدُ، حدّثنا سفيانُ بنُ عيينةَ، عنِ الزّهريِّ، عنْ عروةَ، عنْ زينبَ بنتِ أمّ سلمةَ، عنْ أمّ حبيبةَ، عنْ زينبَ بنتِ جحشٍ، أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ استيقظَ منْ نومهِ وهوَ يقولُ: “لا إله إلّا الله، ويلٌ للعربِ منْ شرٍّ قدِ اقتربَ؛ فُتِحَ منْ ردمِ يأجوجَ ومأجوجَ مثلَ هذه”، وعقدَ سُفيانُ بيدهِ عشرةً. قلتُ يا رسولَ الله، أنَهلكُ وفينا الصّالحونَ؟ قال: “نعمْ، إذا كثرَ الخبثُ”)). رقمُ الحديث: 1/2880.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الفتنِ، بابُ: (اقترابِ الفتن، وفتحِ ردمِ يأجوجَ ومأجوجَ)، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيّة الجليلةِ أمّ المؤمنينَ زينبَ بنتِ جحشٍ رضيَ اللهُ عنها، وترويهِ عنها أمّ المؤمنينَ أمُّ حبيبةَ؛ رملةُ بنتُ أبي سفيانُ رضيَ اللهُ عنهما، وهما منَ الرّواة للحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ سندِ الحديثِ منْ رجاله:
- عمرو النّاقدُ: وهوَ أبو عثمانَ، عمرو بنُ محمّدِ بنِ بكيرٍ البغداديُّ (ت: 231هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديثِ منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- سفيانُ بنُ عيينةَ: وهوَ أبو محمّدٍ، سفيانُ بنُ عيينةَ بنِ أبي عمرانَ الهلاليُّ (107ـ198هـ)، منْ مشاهير ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريِّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ المشهورينَ.
- عروةُ: وهوَ أبو عبدِ الله، عروةُ بنُ الزّبيرِ بنِ العوّامِ القرشيُّ (23ـ94هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقات في رواية الحديث.
- زينب بنتُ أمّ سلمةَ: وهي زينبُ بنتُ عبدِ الله المخزوميّة، ربيبةُ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ (ت: 73هـ)، وهيَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ، وأوردها بعضُ أهل الحديثِ منْ جيلِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى إخبار النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامِ باقتراب علامات السّاعة، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ أنّ السّاعةَ قدِ اقتربتِ وأنّه قدْ فُتحَ منْ ردمِ يأجوجَ ومأجوجَ، وهوَ السّدُّ الّذي بناهُ ذو القرنينِ لهمْ لحجزهمْ عندما زادَ افسادهم، وهوَ سدٌّ لا ينفتحُ قبل قيامِ السّاعةِ، وعقدُ العشرةٍ لسفيانَ هوَ دليلٌ على اقتراب ذلكَ، وسببُ تخصيصِ العربِ منْ ذلكَ الشّرِّ أنّهمْ همْ أكثرُ منْ يعانونَ منْ هذه الفتنةِ، ثمّ بيّن النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّ المعاصي والفجورُ سببُ هلاكِ الأمةِ منْ علامات السّاعةِ، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- اقترابُ السّاعةِ باقتراب علاماتها في زمن النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلام.
- عظمُ فتنة يأجوجَ ومأجوجَ.