لقدْ كانَ لرسولِ الله صلّى الله عليه وسلّمَ منَ السّننِ الّتي علّمها للصّحابةِ، ومنها ما حذّرهمْ به منْ فتنِ السّاعةِ وعلاماتها، وذلكَ لكي لا يكونَ لهذه الأمّةِ حجّةٌ بعدَ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، ولقدْ كانَ لفتنةِ المسح الدّجال الكثيرٌ ممّا دلَّ عليها، بلْ كانَ عليه الصّلاة والسّلامُ يتعوّذُ منها في صلاته، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ في الصّحيحِ: ((حدّثني عمرٌو الناقدُ، وزهيرٌ بنُ حربٍ، قالا: حدّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ بنِ سعدٍ، قال: حدّثني أبي، عنْ صالحٍ، عنِ ابنِ شهابٍ، قال: أخبرني عروةُ بنُ الزّبيرِ أنَّ عائشةَ قالت: سمعتُ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يستعيذُ في صلاته منْ فتنةِ الدّجال)). رقمُ الحديث: 127/587.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ المساجدِ ومواضعِ الصّلاةِ، بابُ: (ما يستعاذُ منهُ في الصّلاة)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ أمِّ المؤمنينَ عائشةَ بنتِ أبي بكرٍ الصّدّيقِ رضيَ اللهُ عنهما، وهي منَ المكثراتِ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ رجال سندِ الحديث:
- عمرٌو النّاقد: وهوَ أبو عثمانَ، عمرو بنُ محمدِ بنِ بُكيرٍ البغداديُّ (ت: 231هـ)،وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- زهيرُ بنُ حربٍ: وهوَ أبو خيثمةَ، زهيرُ بنُ حربِ بنِ شدّادَ الحرشيُّ (160ـ232هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ منْ تبعِ الأتباعِ أيضاً.
- يعقوبُ بنُ إبراهيمَ: وهوَ أبو يوسفَ، يعقوبُ بنُ إبراهيمَ بنِ سعدٍ الزّهريُّ (ت: 208هـ)، وهوَ منْ الثّقاتِ المحدّثينَ منْ تبع الأتباع.
- أبو يعقوبَ: وهوَ أبو إسحاقَ، إبراهيمُ بنُ سعدٍ الزّهريُّ (108ـ182هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّواةِ منْ أتباع التّابعينَ.
- صالحٌ: وهوَ أبو محمّدٍ، صالحُ بنُ كيسانَ المدنيُّ (ت: بعد 130هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثّقات منْ أتباع التّابعينَ.
- ابن شهابٍ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّد بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ أوثق التّابعينَ وأفضلهمْ في رواية الحديث.
- عروة بن الزّبير: وهوَ أبو عبدِ الله، عروةُ بنُ الزّبيرِ بنِ العوّامِ القرشيُّ (23ـ94هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقات في رواية الحديث.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النبويُّ إلى فتنةٍ كانَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يتعوّذُ منها في الصّلاةِ، وهي فتنةِ المسيح الدّجال، وفتنةُ المسيحِ الدّجالِ هيَ منْ أكبرِ الفتنِ الّتي تسبقُ السّاعةَ، وقدْ كانَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ يكثرُ ذكرها لأنّها منْ أشدِّ الفتنِ على الأمّةِ، حيثُ أنَّ المسحَ الدّجال يخرجُ في زمنِ الفتنة والشّرورِ ويتّبعهُ أكثرُ النّاسِ ويكونُ له تأثيرٌ على نفوسِ الأمّةِ في إيمانها وعقيدتها، ولأجلِ ذلكَ كانَ عليه الصّلاة والسّلامُ يتعوّذُ منْ فتنته في الصّلاة.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- عظمُ فتنةِ الدّجال.
- التعوذُ منْ فتنةِ الدّجالِ في الصّلاة.