لقدْ جاءَ في حديثِ النّبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كثيراً منَ الشّواهدِ الّتي تحثُّ المسلمَ على الوصيّة عندَ المرضِ، وهوَ أنْ يوصي المسلمَ لمنْ بعدهُ بما يرضي الله عزّ وجلَّ سواءً بمالٍ أو غيره، وسنعرضُ حديثاً في ندب الوصيّة من الحديث.
الحديث
أوردَ الإمامُ التّرمذيُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيح: ((حدّثنا إسحاقُ بنُ منصورٍ، قال: أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ نميرٍ، قال: حدّثنا عبيدُ الله بنُ عمرَ، عنْ نافعٍ، عنِ ابنِ عمرَ، أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّمَ قال: “ما حقُّ امرئٍ مسلمٍ يبيتُ ليلتينِ ولهُ شيءٌ يوصي فيه إلّا ووصيّتهُ مكتوبةٌ عندهُ”)). حكمُ الحديثِ صحيحٌ ورقمه: (974).
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ أبو عيسى، محمّدُ بنُ عيسى التّرمذيُّ في السّنن في أبواب الجنائزِ عنْ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، بابُ ما جاءَ في الحثّ على الوصيّة، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الله بنُ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُّ، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديث منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- إسحاقٌ بنٌُ منصورٍ: وهوَ أبو يعقوبَ الكوسجُ، إسحاقُ بنُ منصورٍ التّميميُّ (ت: 251هـ)، وهوَ منْ رواة الحديثِ من تبع أتباع التّابعينَ الثّقات.
- عبد الله بن نميرٍ: وهوَ أبو هشامٍ، عبدُ الله بنُ نميرٍ الخارقيُّ الهمدانيُّ (115ـ199هـ)، وهوَ منْ أتباع التّابعينَ الثّقات في الرّواية.
- عبيد الله بن عمرَ: وهو أبو عثمان، عبيدُ الله بنُ عمرَ بنِ حفصٍ القرشيُّ العدويُّ (ت: 147هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- نافعٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، نافعٌ مولى عبدِ الله بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُّ (ت: 116هـ)، وهوَ منْ ثقات التّابعينَ وأكثرهمْ روايةً عنْ عبدِ الله بنِ عمرَ.
دلالة الحديث
يشير الحديثُ إلى الحثِّ على الوصيّة للمسلم إذا باتَ في فراشه ليلتينِ يشكو المرضَ والعلّةَ، وقد أشارَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ إلى ذلكَ في هذا الحديثِ، وحصر الوقتِ في ليلتينِ للتأكيدِ وليسَ للحصرِ، فلا ينبغي على المسلمِ أنْ يتأخّر في وصيّته، وذهبَ جمهورُ الفقهاءِ إلى أنّ الوصيّة مندوبةٌ وليستْ بواجبةِ، كما ذهبَ بعضهمْ إلى أنّها واجبةُ ومنهمُ الإمامُ النوويُّ يرحمهُ اللهُ، وتكونُ الوصيّةُ بما له منْ حقٍّ أوْ عليه منْ دينٍ أو ما شابه ذلكَ، وتكونُ بتوصية الموصى بتقوى الله والالتزام بشرعه وغير ذلكَ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- الوصيّة للمسلمِ منَ المندوبات.
- على المسلم التّعجّل في الوصيّة فلا يتأخّر بها.