لقدْ بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كثيراً منْ أحكامِ الصِّيامِ للصّحابةِ رضوانُ اللهِ عليهمْ، وكانوا حريصونَ على أنْ يسألوهُ عنْ كثيرٍ منْ الأحكامِ كما حرصوا على نقلها للأمَّةِ منْ بعدهمْ، وقدْ وجدنا في الحديثِ النَّبويِّ والسُّنَّةِ كثيراً منْ هذهِ الأحكامِ، وسنعرضُ حديثاً في حكمِ الحجامةِ للصّائمِ في شهر رمضانَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصّحيحِ في كتابِ الصّومِ: ((حدّثنا أبو معمرٍ، حدّثنا عبدُ الوارثِ، حدّثنا أيّوبُ، عنْ عكرمةَ، عنِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما، احتجمَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو صائمٌ)). رقمُ الحديثِ:1938.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الصّومِ؛ بابُ الحِجامةِ والقيء للصّائمِ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ حبرُ الأمَّةِ عبدُ اللهِ بن عبّاسِ بنِ عبدِ المطّلبِ، ابنُ عمِّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ومنْ المكثرينَ لروايةِ الحديثِ، أمّا رجالُ الحديثِ الباقونَ:
- أبو معمرٍ: وهوَ أبو معمرٍ، عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ أبي الحجّاجِ ميسرةَ التّميميُّ (ت:224هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ في رواية الحديث.
- عبدُ الوارثِ: وهوَ أبو عبيدةَ، عبدُ الوارثِ بنُ سعيدِ بنِ ذكوانَ التّميميُّ (102ـ180هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- أيّوبَ: وهوَ أبو بكرٍ، أيّوبُ بنُ أبي تميمةَ كيسانَ السّختيانيُّ (68ـ131هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- عكرمة: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، عكرمةُ القرشيّ الهاشميّ، مولى عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ (25ـ104هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ في رواية الحديث.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى سنَّةٍ منَ السّننِ التّي تأكّدتْ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ وهي الحجامةَ، والحجامةُ في الحديثِ دلَّتْ على جوازها للصّائمِ وأنَّها لا تبطلُ صومَ المسلم، والدّليلُ ما بيَّنهُ الرّاوي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامَ استخدمَ الحجامةَ وهيَ صائمٌ، وهذا دليلُ على جوازها وعدمِ افسادها للصّيامِ، وقدْ سئلَ الصّحابيُّ الجليلُ أنسُ بنُ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ: ((أكنتمْ تكرهونَ الحجامةَ للصّائمِ؟ قال: لا، إلّا منْ أجلِ الضّعفِ)). وهذا الحديثُ يدلُ على جوازها أيضاً إلّا منْ خشيَ الضّعفَ في دوائها.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- مشروعيّةِ الحجامة.
- جوازُ الحجامةِ للصائمِ إلا منْ خشيَ الضّعفَ.