لقدْ شرعَ الإسلامُ منَ الأحكامِ ما تدعوا إلى حفظ ضرورات الحياة، ومنها حفظُ النّسلِ، وقدْ دعا النّبيُّ عليه الصّلاة والسّلامُ إلى الزّواجِ لحفظِ النّسلِ وكثرةِ الأمة الإسلاميّةِ، فقال: (” تكاثروا فإنّي مباهٍ بكمُ الأمم يوم القيامة”)، وقدْ دعا النّبيُّ عليه الصّلاة والسّلام الشّباب إلى الزّواجَ وعدّها منْ سننِ الأنبياء الصّالحينَ، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ التّرمذيّ رحمهُ اللهُ في الصّحيح في السّننِ: ((حدّثنا محمودُ بنُ غيلانَ، قال: حدّثنا أبو أحمدٍ الزّبيريُّ، قال: حدّثنا سفيانُ، عنِ الأعمِ، عنْ عُمارةَ بنِ عميرٍ، عنْ عبدِ الرّحمنِ بنِ يزيدَ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، قال: خرجنا معَ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ ونحنُ شبابٌ، لا نقدرُ على شيءٍ، فقال: “يا معشر الشّبابِ، عليكمْ بالباءةِ، فإنّهُ أغضُّ للبصرِ وأحصنُ للفرجِ، فمنْ لمْ يستطع منكُمُ الباءةَ فعليه بالصّومِ؛ فإنّ الصّومَ لهُ وجاءٌ”)). حكمُ الحديثِ صحيحٌ ورقمهٌ: (1081).
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ النّبويُّ المذكورُ يوردهُ الإمامُ أبو عيسى، محمّدُ بنُ عيسى بنِ سورةَ التّرمذيُّ في السّننِ، في أبواب النّكاحِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمَ، بابُ ما جاءَ في فضلِ التّزويجِ والحثِّ عليه، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودِ بنِ غافلٍ الهذليُّ رضي اللهُ عنهُ، وهوَ من المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- محمودُ بنُ غيلان: وهوَ أبو أحمد، محمودُ بنُ غيلانَ العدويّ (ت: 239هـ)، وهوَ منْ ثقات الرّواية للحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- أبو أحمد الزّبيريُّ: وهوَ أبو أحمدَ، محمّدُ بنُ عبدِ الله بنِ الزّبيرِ الأسلميُّ (ت: 203هـ)، وهوَ أيضاً منْ ثقات الحديثِ منْ تبعِ الأتباع.
- سفيان: وهوَ أبو عبد الله، سفيانُ بنُ سعيدِ بنِ مسروقَ الثّوريُّ (97ـ161هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- الأعمشُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأسديُّ (61ـ145هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقات منَ التّابعينَ.
- عمارة بن عميرٍ: وهوَ عمارةُ بنُ عميرٍ التّميميُّ (ت: بعدَ 100هـ)، وهو منَ ثقات التّابعينَ في الحديث.
- عبدُ الرّحمن بنُ يزيدَ: وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ يزيدَ النّخعيُّ (ت: 73هـ)، وهوَ منْ ثقات الرّواية للحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويُّ إلى الدّعوةِ إلى الزّواج، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ الباءةَ وهي الزّواج هي منْ وسائلِ حفظِ النّسلِ، كما هي وقايةُ للنّفسِ منَ الوقوعِ في المحرّماتِ والعلاقات المحرّمةِ، كما دعا إليها الشّبابِ القادرَ على ذلك، ثمّ قدّمَ النّبيُّ عليه الصّلاة والسّلام منَ الوسائلِ لحفظِ النّفسِ منَ الحرام لمنْ لا يستطيع الزّواج، ومنْ تلكَ الوسائل الصّوم لما فيه منْ رادعٍ للنّفسِ ومراقبةٍ لله تعالى في الأفعال والأقوال.
ما يرشد إليه الحديث
من الفوائد من الحديث:
- أثر الزّواج في تقويم الشّباب وبعدهم عن الحرام.
- أثر الصّومِ في ردع النّفسِ وتقويمِ منْ لا يستطيع الزّواج.