لقدْ حثَّ الإسلام على الطّهارة والاستنجاء منها، وبيّنَ عليه الصّلاةُ والسّلام في كثيرٍ منَ الأحاديثِ آداباً كثيرة في الدخول لبيت الخلاء والتغوط، ومنْ هذه الآداب أنْ لا يستقبل المسلم القبلة في ذلكَ ولا يستدبر، وأنْ يشرّقَ أو يغرّب، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمام مسلم يرحمهُ الله في الصّحيح: ((وحدّثنا زهير بن حربٍ وابنُ نميرٍ، قالا: حدّثنا سفيانُ بنُ عيينةَ ح قال: وحدّثنا يحيى بن يحيى، واللفظُ له، قال: قلتُ لسفيانِ بنِ عيينةَ: سمعتَ الزّهريّ يذكرُ عنْ عطاءِ بنِ يزيدَ اللّيثيَّ، عنْ أبي أيّوبَ، أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّمَ قال: “إذا أتيتمُ الغائطَ فلا تستقبلوا القبلةَ، ولا تستدبروها ببولٍ ولا غائطٍ، ولكن شرّقوا أو غرّبوا”. قال: أبو أيّوبَ: فقدمنا الشّام، فوجدنا مراحيضَ قدْ بنيتْ قِبَلَ القبلةِ فننحرفُ عنها، ونستغفرُ الله؟ قال: نعمْ)). رقمُ الحديث: 59/264.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يورده الإمام مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الطّهارةِ، بابُ: (الاستطابة)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي أيّوبَ رضيَ الله عنها، وهوَ الصّحابيُّ الجليلُ خالدُ بنُ زيدٍ الأنصاريُّ، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ النّبويِّ منَ الصّحابة، أمّا رجالِ سندِ الحديثِ البقيّة:
- زهيرُ بنُ جربٍ: وهوَ أبو خيثمة، زهيرُ بنُ حربِ بنِ شدّادٍ الحرشيُّ (160ـ232هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّواية منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- ابن نميرٍ: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، محمّد بنُ عبدِ الله بنِ نميرٍ الهمدانيُّ (ت: 234هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ منْ تبعِ الأتباع أيضاً.
- سفيان بن عيينة: وهوَ أبو محمّدٍ، سفيان بن عيينةَ بنِ أبي عمران الهلاليُّ (107ـ198هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- يحيى بن يحيى: وهوَ أبو زكريا، ريحانة نيسابور، يحيى بن يحيى التّميمي (142ـ226هـ)، وهوَ منْ رواة الحديث الثّقات منْ تبع الأتباع.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ مشاهير ثقات الحديث منَ التّابعينَ.
- عطاء بن يزيد: وهوَ أبو محمّدٍ، عطاء بن يزيدَ اللّيثيُّ (25ـ105هـ)، وهو ثقة منْ رواة الحديث منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديث النّبويُّ المذكورُ إلى أدب منْ آداب استخدام الخلاء والطّهارة، وهوَ عدمُ استقبال القبلة او استدبارها في البول والغائط، وقدْ جاءَ النّهيُّ عنْ ذلكَ لعلةٍ وهي تعظيمُ لقبلة الصّلاة والإسلامِ، وتنزيهاً لها منْ أيِّ نجاسةٍ ، وجاءَ النّهي عنْ ذلكَ في بيتِ الخلاء في الخارج عن البنيان، وذهب كثيرٌ منْ أهل العلم إلى أنّ النّهيَ فقطْ يكونُ في بيت الخلاء غير المحيطِ بما يحيطه منْ جدارٍ أو بنيان والله تعالى أعلم.
ما يرشد إليه الحديث
من الفوائد منَ الحديث:
- تعظيم الإسلام لشعائر الإسلام وقبلة الإسلام.
- النهي عن استقبال القبلة واستدبارها في الغائط والبول تنزيهاً للقبلة.