لقدْ جاءَ في الحديثِ النّبويِّ الشّريفِ كثيرٌ منَ الشّواهد الّتي تحثُّ على الزّواجِ لما فيه منْ حفاظٍ على نسلِ البشريةِ، ولما فيه منْ حفظٍ للنّفس منَ المعاصي والشّهواتِ، ولقدْ بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاة والسّلام أحكاماً في الزّواج مثلَ التّبتّلِ، وهوَ الانقطاعُ عنِ الزّواجِ وتركِ النّساءِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ التّرمذيُّ عليه رحمةُ الله في السّنن: ((حدّثنا الحسنُ بنُ عليّ الخلّالُ وغيرُ واحدٍ، قالوا أخبرنا عبدُ الرّزّاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عنِ الزّهريِّ، عنْ سعيدِ بنِ المسيّبِ، عنْ سعدِ بنِ أبي وقّاصٍ، قال: ردّ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ على عثمانَ بنِ مظعونٍ التّبتّلَ، ولو أذنَ لهُ لاخْتصينا )). حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، ورقمه: ( 1083).
ترجمة رجال الحديث
الحديث المذكور يوردهُ الإمامُ أبو عيسى محمّدُ بنُ عيسى بنُ سورة التّرمذيُّ في الجامعِ الصّحيحِ، في أبوابِ النّكاحِ عنْ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلّمَ، بابُ ما جاءَ في النّهيِ عنِ التّبتّلِ، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ سعدُ بنُ أبي وقّاصٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ منْ الصّحابةِ الرّواة للحديثِ عنْ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّم، أمّا بقيّة رجالِ سندِ الحديث:
- الحسنُ بنُ عليٍّ: وهوَ أبو عليٍّ، الحسنُ بنُ عليِّ بنِ محمّدٍ الهذليُّ (ت: 242هـ)، وهوَ منْ ثقات الرّواية منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- غير واحدٍ: غيرُ معروفونَ وهمْ للتّأكيدِ.
- عبدُ الرّزّاقِ: وهوَ أبو بكرٍ، عبدُ الرّزّاقِ بنُ همّام بن نافعٍ الصّنعانيّ (129ـ211هـ)، وهوَ من رواة الحديث الثّقاتِ من تبع الأتباع أيضاً.
- معمرٌ: وهو أبو عروةَ، معمرُ بنُ راشدٍ الأزديُّ (96ـ150هـ)، وهوَ من ثقاتِ أهل الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمِ بنِ شهابٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
- سعيدُ بنُ المسيّبِ: وهوَ أبو محمّدٍ، سعيدُ بنُ المسيّبِ بنِ حزنٍ القرشيُّ (ت: 90هـ)، وهوَ من ثقات التّابعينَ في رواية الحديثِ عنْ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى حكمٍ منْ أحكامِ النّكاحِ والزّواجِ في الإسلامِ، وهوَ النّهي عنِ التّبتّلِ، والتّبتّلِ هوَ العزوفُ عنِ الزّواجِ وعدمُ القربِ منَ النّساءِ للتفرّغِ للعبادةِ والطّاعةِ، وقدْ نهى عليه الصّلاة والسّلامُ عنْ ذلكَ لما فيه منْ مخالفةِ السّنةِ الكونيّة في الزّواجِ والتّكاثرِ وحفظِ النّسلِ، وقدْ بيّنَ الرّاوي الصّحابيُّ سعدُ بنُ أبي وقّاصٍ أنّهُ نهى عثمانَ بنَ مظعونٍ عنْ ذلكَ، كما ذكرَ أنّهُ لو سمحَ ذلكَ لاختاروا الخصيانَ في ذلكَ.
ما يرشدُ إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- الزّواجُ سنّةُ منْ سننِ الحياة.
- النّهيُ عنِ العزوف عن الزّواج ولو كانَ للعبادة.
