لقدْ بيّن النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ للصّحابةِ رضوانُ الله عليهمْ كثيراً منْ أحكامِ الجنائزِ، والّتي بدورهم وصلتْ إلى الأمّةِ منِ طريقِ الحديثِ النّبويِّ، ومنْ أحكامِ الجنائزِ ما يتعلّقُ بالقبورِ، وقدْ جاءَ منها ما يتعلّقُ بالنّهيِ عنْ الجلوسِ على القبرِ والصّلاة إليه، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمام التّرمذيُّ في السننِ: ((حدّثنا هنّادٌ، حدّثنا عبدُ الله بنِ المباركِ، عنْ عبدِ الرّحمنِ بنِ يزيدَ بنِ جابرٍ، عنْ بُسرِ بنِ عبيدِ الله، عنْ أبي إدريسَ الخولانيُّ، عنْ واثلةَ بنِ الأسقعِ، عنْ أبي مرثدٍ الغنويِّ، قال: قالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “لا تجلسوا على القبورِ، ولا تصلّوا إليها”)). حكمُ الحديثِ صحيحُ، ورقمه: (1050).
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ النبويُّ المذكورُ أوردهُ الإمامُ أبو عيسى، محمّدُ بنُ عيسى التّرمذيُّ في السننِ، في أبوابِ الجنائزِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، بابُ: (كراهيةُ المشي على القبورِ ، والجلوسُ عليها)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي مرثدٍ الغنويِّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ كَنّازُ بنُ الحصينِ الغنويُّ، ويرويه عنهُ الصّحابيُّ الجليلُ واثلةُ بن الأسقعِ اللّيثيّ رضيَ الله عنه، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- هنّادٌ: وهوَ أبو السّريُّ، هنّادُ بنُ السّري بنِ مصعبٍ التّميميُّ (152ـ243هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- عبد الله بن المبارك: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، عبدُ الله بنُ المباركِ الحنظليُّ (118ـ181هـ)، وهوَ من ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- عبد الرحمن بن يزيد: وهوَ أبو عتبةَ، عبدُ الرّحمنِ بنُ يزيدِ بنِ جابرٍ الأزديُّ (ت: 153هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديث منْ أتباع التّابعين.
- بسر بن عبيد الله: وهوَ بُسرُ بنُ عبيدِ الله الحضرميُّ (ت: 110هـ)، وهوَ ثقةٌ منْ أتباع التّابعينَ.
- أبو إدريس الخولاني: وهوَ عائذُ بنُ عبدِ الله بنِ عمرو الخولانيُّ (8ـ80هـ)، وهوَ منْ ثقات التّابعينَ في رواية الحديث.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويُّ المذكورُ إلى حكمٍ منْ أحكامِ الجنائزِ في الإسلام، وهوَ النّهيُّ عنِ الجلوسِ على القبورِ والصّلاةِ إليها، وقدْ نهى النّبيُّ عليه الصّلاة والسّلامُ عنِ الجلوسِ على القبورِ أو المشيِ عليها أو الصّلاةِ إليها، وقدْ ذكرَ أهل العلمِ في ذلكَ أنّ النّهيَ نهيُ تحريمٍ، كما يحرّمُ الصّلاة إلى القبورِ أيْ جعلها أمامهمْ وقيلَ كما يكون الحالُ لأهل مكّة في وضعهمْ للجنازة عند الكعبةِ والصّلاة إليها، والله تعالى أعلم.
ما يرشد إليه الحديث
من الفوائد من الحديث:
- تحريمُ الجلوسِ على القبورِ والجلوسِ عليها.
- تحريم استقبال القبور في الصّلاة.