إنّ القرآنَ هوَ كلامُ الله تعالى المنزلِ على سيّدنا محمّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، وقدْ وعد اللهُ تعالى بحفظهِ إلى قيام السّاعة، وجعلَ منْ واجبات الأمّة الحفاظُ عليه وحرّمَ مسّهُ بغير الطّهارةِ أوْ إلحاقُ الأذى بالمصاحفِ، بلْ نهى النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بأنْ يسافرَ به لبلادٍ الكفر خوفَ الإساءة به، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((وحدّثنا قتيبةُ، حدّثنا ليثٌ ح وحدّثنا ابنُ رمحٍ، أخبرنا اللّيثُ، عنْ نافعٍ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أنّهُ كانَ ينهى أنْ يُسافرَ بالقرآنِ إلى أرضِ العدوِّ؛ مخافةَ أنْ يناله العدوّ)). رقمُ الحديث: 93/1869.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الإمارةِ، بابُ: (النّهي أنْ يسافرَ بالمصحف إلى أرضِ الكفّارِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ، وهوَ منْ رواة الحديثِ المكثرينَ فيه منَ الصّحابةِ رضيَ اللهُ عنهم، أمّا رجالُ السّندِ البقيّة:
- قتيبةُ: وهوَ أبو رجاءٍ، قتيبةُ بنُ سعيدِ بنِ جميلٍ الثّقفيُّ (148ـ240هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ رمحٍ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، محمّدُ بنُ رمحِ بنِ المهاجرِ التّجيبيُّ (150ـ242هـ)، وهوَ منَ الثّقات الرواة للحديثِ منْ تبعِ الأتباع.
- اللّيثُ: وهوَ أبو الحارثِ، اللّيثُ بنُ سعدِ بنِ عبدِ الرّحمنِ الفهميُّ (94ـ175هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ المشهورينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- نافعٌ: وهوَ أبو عبدِ الله، نافعٌ مولى عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُّ (ت: 116هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التّابعينَ في رواية الحديثِ وأكثرهمْ روايةً عن عبدِ الله بنِ عمرَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى النّهيّ عنِ السّفرِ بالمصحفِ إلى أرضِ الكفرِ خوفَ المسِّ به بالأذى، وقدْ نهى عليه الصّلاةُ والسّلامُ عنْ ذلكَ لهذه العلّة، وقد ذهبَ أكثرُ أهل العلمِ إلى النّهي عنْ ذلكَ حفاظاً على القرآنِ، كما ذهبَ بعضهمْ إلى النّهي عنْ ذلكَ إذا خشيَ المساسُ بالمصحفِ، أمّا إذا انتفت شبهة المساس بالمصحفِ فلا بأس في ذلكَ، كما ذهبَ بعضُ أهل العلمِ إلى جوازُ كتابة شيءٍ منَ القرآنِ إلى الكفار بالرّسائلِ أو نحوها كما كان عليه الصّلاةُ والسّلامُ يفعلُ في ما كان يبعثهُ منَ الرّسائلِ إلى الملوكِ يدعوهمْ إلى الإسلامِ، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- عظمُ منزلة القرآنِ ووجوبُ الحفاظِ عليه.
- النّهي عن السفر بالمصحف لبلادٍ يخشى المساسُ به فيها.