لقدْ شرعَ الإسلامُ الطّلاقَ لأسباب كثيرةٍ تتعلّقُ باستقرار الأسرة المسلمة، وجعل الطّلاقَ بضوابطَ شرعيّة، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ أنّ الطلاقَ يجبُ أنْ يكونُ مبنياً على أسبابٍ حقيقيّة، كما نهى أنْ يكونَ بدونِ سببٍ بناءً على أهواء ورغبات أحد الزّوجينِ بذلك، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ الحكم.
الحديث
أوردَ الإمامُ التّرمذيُّ يرحمهُ الله في الجامع الصّحيح: ((حدّثنا بذلكَ بُندارُ، قال: أخبرنا عبدُ الوهّابِ، قال: أخبرنا أيّوبُ، عنْ أبي قِلابةَ، عمّنْ حدّثهُ عنْ ثوبانَ أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّمَ قال: “أيّما امرأةٍ سألتْ زوجها طلاقاً منْ غير بأسٍ فحرامٌ عليها رائحة الجنّة”)). حكمُ الحديثِ صحيحٌ ورقمهُ: (1187).
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ أبو عيسى، محمّدُ بنُ عيسى بنِ سورةَ التّرمذيُّ في الجامع الصّحيح في أبوابِ الطّلاقِ واللّعانِ عنْ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بابُ ما جاءَ في المختلعاتِ، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ثوبانَ رضيَ الله عنه، وهوَ أبو عبدِ الله، ثوبانُ بنُ بجددَ القرشيُّ، والمعروف بثوبان النّبويِّ وهوَ منْ رواة الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ السّندِ منَ الرّجال:
- بندار: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ بشّارَ العبديُّ (167ـ252هـ)، وهوَ منْ رواة الحديثِ الثّقات منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- عبد الوهاب: وهوَ أبو محمّدٍ، عبدُ الوهّابِ بنُ عبدِ المجيدِ الثّقفيُّ (108ـ184هـ)، وهوَ منْ ثقات الرّواية منْ أتباع التّابعينَ.
- أيّوب: وهوَ أبو بكرٍ، أيّوبُ بنُ أبي تميمةَ كيسانَ السّختِيانيُّ (68ـ131هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- أبو قلابة: وهوَ عبدُ الله بنُ زيدٍ الجرميُّ (ت: 104هـ)، وهوَ منْ ثقات التّابعينَ في رواية الحديث.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى النّهي عنِ الطّلاقِ الّذي يكونُ بغير سببٍ، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ النّهيَ عنْ هذا الطلاقِ، وأنذرَ المرأةَ الّتي تطلبُ الطّلاقَ منْ زوجها منْ غير بأسٍ بوعيدٍ وهوَ عدمُ شمّها رائحةَ الجنّةِ، وهوَ نوعٌ منْ أنواع الوعيدِ الشّديد، وقدْ ذكرَ أهلُ العلمِ في ذلكَ أنّها قدْ تدخلُ الجنّةَ لكنّها لا تشمُّ رائحة الجنّة مع السّابقينَ إليها، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد منَ الحديث:
- مشروعيّةُ الطّلاقِ بسببٍ شرعيٍّ.
- النّهي عنْ طلبِ الطّلاقِ بغير بأسٍ.