إنّ الصِّيامَ منْ أركانَ الإسلامِ الخمسةِ، الّتي جعلَ اللهُ لهُ منَ الفضلِ والأجرِ، وجعلَ منَ الصِّيامِ ما كانَ فرضاً على المسلمِ، ومنها ما كان نافلةً ومنها ما كان محرّماً ومكروهاً، وسنعرضُ منَ الحديثِ النّبويِّ الشّريفِ عنْ كراهةِ صيامِ يومِ الجمعةِ منفرداً.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريٌُّ يرْحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو عاصمٍ، عنِ ابن جريجٍ، عنْ عبدِ الحميدِ بنِ جبيرٍ، عنْ محمّدِ بنِ عبّادٍ، قالت: سألتُ جابراً رضيَ اللهُ عنهُ: نهى النّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عنْ صومِ يومِ الجمعةِ؟ قال: نعمْ. زادَ غيرَ أبي عاصمٍ: أنْ ينفردَ بصومٍ)). رقمُ الحديث:1984.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ رواهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في كتابِ الصّومِ؛ بابُ صومُ يومِ الجمعةِ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ جابرٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصاريُّ الخزرجيُّ، وهوَ منَ المكثرينَ في روايةِ الحديثِ عنِ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، أما بقيّةُ رجال الحديث:
- أبو عاصمٍ: وهو أبو عاصمٍ النّبيلُ، الضّحّاكُ بنُ مخلدٍ الشّيبانيُّ (121ـ211هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتْباعِ التّابعينَ.
- ابن جريج: وهوَ أبو الوليدِ، عبدُ الملكِ بنُ عبدِ العزيز القرشيُّ (80ـ150هـ)، وهو منْ أتباعِ التّابعين في رواية الحديث.
- عبدُ الحميدِ بنُ جبيرٍ: وهوَ عبدُ الحميدِ بنُ جبيرِ بنِ شيبةَ القرشيُّ العبدريُّ، وهوَ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- محمّد بن عبّاد: وهوَ محمّدُ بنُ عبّادِ بنِ جعفرٍ القرشيُّ المخزوميُّ، وهوَ منَ التّابعينَ في روايةِ الحديثِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى حكمِ صيامِ يومِ الجمعةِ منفرداُ، وقدْ بيَّنَ الرّاوي جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قدْ نهى عنْ صيامِ يومِ الجمعةِ منفرداً، والنّهيُّ هنا نهي كراهةٍ لا تحريمٍ، والانفرادُ بصومِهِ بأنْ يصومَ المسلمُ يومَ الجمعةِ بغيرِ صيامِ يومٍ قبلهُ أوْ يومٍ بعدهُ، وقدْ وردَ بطريقٍ آخرَ ((عنْ أمِّ المؤمنينَ جويريّةِ بنتِ الحارثِ رضيَ اللهُ عنها، أنَّ النّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ دخلَ عليها يومَ الجمعةِ وهي صائمةٌ، فقال: (أصمْتِ أمسِ؟). قالتْ: لا. قال: (تريدينَ أنْ تصومينَ غداً؟). قالتْ: لا. قال: فافْطري). وفي هذا الحديثُ دلالةٌ على زوالِ كراهةِ صيامِ يومِ الجمعةِ إذا سبقَ بصومٍ قبلهُ أوْ بعدهُ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- كراهةُ صيامِ يومِ الجمعةِ منفرداً للمسلم.
- زوال كراهة صيام الجمعةِ بصيامِ يومٍ قبلهُ أوْ يومٍ بعده.