لقدْ دعا الإسلامُ المسلمينَ إلى كثيرٍ منَ الأخلاقِ الّتي تنظّمُ حياتهم في المجتمعِ الإسلاميّ؛ لتكونَ الأخوّة الإسلاميّةُ ميزانَ تعاملهمْ مع بعضهمْ البعض، فلا يؤذي أحدهمْ الآخرَ ولا يظلمهُ، ومنْ مطاهر تنظيمه للمجتمع الإسلامي وصيّتهُ بالجار، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ حقوقَ الجار ونهى عنْ إيذائه ووصّى به، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاج النّيسابوريُّ في الصّحيحِ: ((حدّثني عبيدُ الله بنُ عمرَ القواريريُّ، حدّثنا يزيدُ بنُ زريعٍ، عنْ عمرَ بنِ محمّدٍ، عنْ أبيه، قال: سمعتُ ابنَ عمرَ يقولُ: قالَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ : “ما زالَ جبريلُ يوصيني بالجارِ، حتّى ظننتُ أنّهُ سيورّثهُ”)). رقمُ الحديث: 141/2625.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاج النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتاب البرّ والصّلة والآدابِ، بابُ: (الوصيّة بالجار والإحسان إليه)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنِ عمرَ رضيَ الله عنهما، وهوَ عبدُ الله بنُ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيّ، منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابة، أمّا بقيّةُ سندِ الحديثِ ورجاله:
- عبيدُ الله بنُ عمرَ: وهوَ أبو سعيدٍ، عبيدُ الله بنُ عمرَ بنِ ميسرةَ الجشميُّ القواريريُّ (151ـ235هـ)، منْ ثقات رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- يزيدُ بنُ زريعٍ: وهوَ أبو معاوية، ريحانةُ البصرةِ، يزيدُ بنُ زريعٍ التّيميُّ (101ـ182هـ)، وهوَ من ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- عمر بنُ محمّدٍ: وهوَ أبو حفصٍ، عمرُ بنُ محمّدِ بنِ يزيدَ القرشيُّ العدويُّ (ت: 150هـ)، وهوَ منَ الثّقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعين.
- أبو عمر بن محمّدٍ: وهوَ أبو عبدِ الله، محمّدُ بنُ زيدِ بنِ عبد الله القرشيُّ، منْ ثقات الحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويُّ المذكورُ إلى أدبٍ منْ آداب البر والصّلة، وهوَ البرُّ بالجارِ والإحسانُ إليه، وقد بيّنَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ ذلكَ منْ خلالِ ما ذكرهُ بوصيّةِ جبريلَ به، وقدْ أشار عليه الصّلاةُ والسّلامُ إلى أنّ جبريلَ وهو الوحي المنزّل ما زالُ يوصي بالجارِ حتّى ظننتُ أنّهُ سيجعلُ له نصيباً منْ ميراثِ جاره، وفي ذلكَ بيانٌ لقربِ الجارِ وعظمُ منزلته بقربه منْ جاره، وقالَ أهلُ العلمِ أنّ الجارَ قريبُ الصّلة بالمكانِ بجاره وأنّه منْ بابِ الجيرة والأخوةِ وجبَ عليه حفظُ حقِّ جاره، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد منَ الحديث
- عظمُ حقّ الجار على جاره.
- وجوبُ البرِّ والصّلة بالجار والإحسان إليه.