لقدْ أعدّ اللهُ لعباده المؤمنين منَ الثّوابِ العظيمِ في الأخرة، ووعدهمْ بدخولِ الجنّةِ الّتي فيها لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطرَ على قلب بشرٍ، وإنّ الجنّةَ لها منَ الأبوابِ ما حدّثنا بها رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في كثيرٍ منْ أحاديثه الشّريفةِ، وسنعرضُ حديثاً في بابٍ منْ أبوابها أعدّهُ اللهُ للصّائمين.
الحديث:
روى الإمام البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا سعيدُ بنُ أبي مريمَ، حدّثنا محمّدُ بنُ مُطَرِّفٍ، قال: حدّثني أبو حازمٍ، عنْ سهلِ بنِ سعدٍ رضيَ اللهُ عنهُ، عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “في الجنّةِ ثمانيةُ أبوابٍ، فيها بابٌ يُسمّى الرّيانَ، لا يدخُلهُ إلّا الصّائمونَ” رقمُ الحديث:3257)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ النّبويُّ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في كتابِ بدءِ الخلقِ؛ بابُ صفةِ أبوابِ الجنّةِ، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ سهلِ بنِ سعدٍ رضيَ اللهُ عنهُ وهوَ أبو العبّاسِ، سهلُ بنُ سعدٍ بنِ مالكٍ الأنصاريُّ (ت:88هـ)، وهو منْ رواةِ الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ رجالِ الحديث:
- سعيدُ بنُ أبي مريمَ: وهوَ أبو محمّدِ، سعيدُ بنُ الحكمِ الجمحيُّ (144ـ224هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ في رواية الحديث.
- محمّدُ بنُ مُطَرِّفٍ: وهوَ أبو غسّانَ، محمّدُ بنُ مطرِّفٍ اللّيثيُّ، وهوَ منَ الثّقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- أبو حازمٍ: وهوَ سلمةُ بنُ دينار المخزوميُّ، والمعروفِ بأبي حازمٍ الأعرج (ت:133هـ)، وهوَ منْ رواة الحديث الثّقات منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى صفةِ أبواب الجنةِ وعددها، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ للجنّةِ ثمانيةُ أبوابِ، لكلِّ بابٍ أهلهُ وداخلوهُ، ومنْ هذه الأبوابُ الثّمانيةُ بابٌ أعدّهُ اللهُ للصّائمينَ لا يكونُ لغيرهم ولا يدخلهُ غيرهم ويسكر باب الرّيان، والمقصودُ بالصّائمينَ همْ منْ أدّوا صيامَ فريضةِ شهرِ رمضانَ، وقولهُ في الجنّةِ أي للدّلالةِ على خصوصيّةِ هذا الباب وأنّهُ مخصوصُ لمنْ أدّوا هذه الفريضةِ، وقدْ يدعى الصّائمونَ بأفعالٍ أخرى لأبواب غيرهُ، وهذا الجزاءُ لهمْ لما لقوا منْ كبدِ الصّيامِ والعطشِ والجوعِ، وفي شواهدَ أخرى منَ الحديث أنّهُ يغلقُ بعدَ أنْ يدخلهُ الصّائمونَ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائد والدّروس المستفادةِ من الحديث:
- على المؤمن الالتزامُ بفريضةِ الصّيام لما لها منْ جزاءٍ وثوابٍ عظيمٍ يومَ القيامة.
- بابُ الرّيانِ في الجنّةِ يدخله الصّائمونَ ولا يدخله غيرهم.