لقدْ جاءَ الإسلامُ مهذّباً للنّفسِ البشريّة، داعياً إلى أنْ يتخلّقَ الإنسانُ بأخلاقِ فطرته الّتي دعتْ إلى البرِّ والصّلةِ بمنْ كانَ لهمُ الفضلُ ومنهمْ الوالدينِ، ولقدْ كانَ للوالدينِ منزلةٌ عظيمةُ في الإسلامِ جاءَ بها القرآن الكريمُ وأكّدها النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلام في الحديثِ النّبوي، وسنعرضُ حديثاً في برِّ الوالدينِ والإحسانِ إليهما.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ يرحمهُ الله في الصّحيحِ: ((حدّثنا قتيبةُ بنُ سعيدِ بنِ جميلِ بنِ طريفٍ الثّقفيُّ، وزهيرُ بنُ حربٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عنْ عمارةَ بنِ القعقاع، عنْ أبي زرعةَ، عنْ أبي هريرةَ قال: جاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّمَ فقالَ: منْ أحقُّ النّاسِ بحسنِ صحابتي؟ قال: “أمّكَ”. قال: ثمَّ منْ؟ قال: “ثمَّ أمّكَ”. قالَ: ثمَّ منْ؟ قال: “ثمَّ أمّكَ”. قال: ثمَّ منْ؟ قال: “ثمَّ أبوكَ”.)). رقمُ الحديث:1/2548.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيح في كتابِ البرِّ والصّلة، بابُ: (برّ الوالدين وأنّهما أحقُّ به)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ رواية للحديثِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- قتيبةُ بنُ سعيدٍ: وهوَ أبو رجاءٍ، قتيبةُ بنُ سعيدٍ الثّقفيُّ (148ـ240هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- زهيرُ بنُ حربٍ: وهوَ أبو خيثمةَ، زهيرُ بنُ حربٍ الحرشيُّ (160ـ232هـ)، وهوَ منْ الثّقاتِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- جريرٌ: وهوَ أبو عبدِ الله، جريرُ بنُ عبدِ الحميدِ الضّبّيُّ (110ـ188هـ)، وهوَ راوٍ ثقةٌ منْ أتباع التّابعينَ.
- عمارة بنُ القعقاع: وهوَ عمارةُ بنُ القعقاعِ بنِ شبرمةَ الضّبّيُّ، منْ رواة الحديثِ الثّقات منْ أتباع التّابعينَ.
- أبو زرعة: وهوَ أبو زرعةَ بنُ عمرو بنِ جريرٍ البجليُّ، منْ مشاهيرِ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديث إلى البرّ والصّلة بالوالدينِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ الوالدين همْ أحقُّ النّاسِ بالصّحبةِ والبرّ والإحسانِ وذلكَ لما لهما منْ فضلِ على ابنِ آدمَ منَ الرّعاية والوجودِ، كمّا قدّمَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلام الأمَّ في ذلكَ لما لها منَ الفضلِ في الحملِ والولادةِ والرّضاعةِ والتنْشئة ثمَّ يكونُ بعدَ ذلكَ الأبُ، وفي حديثُ النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلامُ تأكيدٌ لما جاءَ في القرآنِ الكريمِ في برّ الوالدين.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- حرص النّبيّ عليه السلام على برّ الوالدين.
- الوالدان هما أحقّ النّاس بحسن الصّحبة.