لقدْ كانَ للإسلامِ أحكامهُ التّشريعيّةِ في بيانِ معاملات المسلمينَ معْ بعضهمْ البعض، وكانَ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ يوضّحُ للصّحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم كثيراً منْ معاملات البيع والشّراءِ كيْ لا يقعوا في الحرام والخصوماتِ، ولكي لا يكونَ للمسلمينَ رأيٌ بعدَ رأي الشّرعِ الإسلاميِّ، ومنَ الأحكامِ الّتي بيّنها النّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلّمَ في الحديثِ حكمُ بيعِ النخلِ بعدَ نضجه، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ، حدّثنا الليث حدثني ابنُ شهابٍ، عنْ سالمِ بنِ عبدِ اللهِ، عنْ أبيهِ رضيَ اللهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يقولُ: (منْ ابتاعَ نخلاً بعدَ أنْ تؤبرَ فثمرتها للبائعِ، إلّا أنْ يشترطَ المُبتاع، ومنْ ابتاعَ عبداً ولهُ مالٌ فمالُهُ للّذي باعهُ، إلّا أنْ يشترطَ المُبتاع). رقمُ الحديث:2379)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في بابِ: في الشّربِ؛ بابُ الرّجلِ لهُ ممرٌ أوْ شِربٌ في حائطٍ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيِّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، أمّا رجالُ سندِ الحديثِ الأخرونَ:
- عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ: وهوَ أبو محمّدٍ، عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ التّنّيسيُّ الكلاعيُّ (ت:218هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التّابعينَ في روايةِ الحديث.
- اللّيث: وهوَ أبو الحارثِ، اللّيثُ بنُ سعدٍ الفهميُّ (94ـ175هـ)، وهوَ منْ رواتِ الحديثِ الثّقاتِ منْ أتْباعِ التّابعينَ.
- ابنُ شهابٍ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ كبارِ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- سالمُ بنُ عبدِ اللهِ: وهوَ أبو عمرَ، سالمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُّ (ت:105هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى حكمِ النّخلِ بعدَ نضجهِ إذا باعهُ صاحبه، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ النخلَ بما فيهِ منَ الثّمرِ إذا باعهُ صاحبهُ بعدما نضجَ فثمرهُ للبائعِ، إلّا إذا اشترطَ منِ اشتراه غيرَ ذلكَ، وهذا الحديثُ ليسَ مقتصراً على النّخلِ بلْ على منْ باعَ شجراً بعدَ نضجهِ، وقدْ بيّنَ الحديثُ حكمَ العبدِ الّذي بيعَ ولهُ شيءُ منَ المالِ، فمالهُ لسيدهِ الّذي باعهُ إلّا إذا وقعَ بينَ البائعِ والمشتري غير ذلكَ.
ما يرشد إليه الحديث:
من الفوائد منَ الحديث:
- ثمرُ النّخلِ بعدَ نضجهِ إذا بيع فللبائع إلّا باتّفاق الطّرفين.
- مالُ العبدِ لسيدهِ الّذي باعهُ إلّا إذا أشترطَ منْ اشتراهُ بغير ذلكَ.
