لقدْ خلقَ اللهُ تعالى الإنسانَ ويعلمُ ما به منَ الضّعفِ والنّقصِ ووسوسةِ الشّيطانِ، وجعلهُ في موضعِ ابتلاءٍ وامتحانٍ في الدّنيا، وجعلَ لهُ منَ الملائكةِ ما يكتبونَ أعمالهُ، ومنْ رحمتهِ عزّ وجلّ أنّه يكتبُ الحسنةَ ويضاعفها للإنسانِ إذا نوى ذلكَ سواءً عملها أمْ لمْ يعملها، وبالمقابلِ أمرَ اللهُ ملائكتهُ بعدمِ كتابةِ السّيئةِ إذا نواها الإنسانُ حتّى يعملها، فتجاوزَ عنِ الوسوسةِ والخطأ غير المقصودِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا الحميديُّ، حدّثنا سفيانُ، حدّثنا مِسعرٌ، عنْ قتادةَ، عنْ زرارةَ بنِ أوفى، عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، قال: قالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: (إنَّ اللهَ تجاوزَ لي عنْ أُمّتي ما وسوست بهِ صدورها، ما لمْ تعملْ أوْ تكلَّمَ). رقمُ الحديث:2528)) .
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ العتقِ؛ بابُ الخطأ والنّسيانِ في العتاقةِ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وأبو هريرةَ هوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ منَ الصّحابةِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- الحميديُّ: وهوَ أبو بكرٍ، عبدُ اللهِ بنُ الزّبيرِ بنِ عيسى الحميديُّ (ت:219هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التّابعينَ في رواية الحديث.
- سفيانُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سفيانُ بنُ عيينةَ الهلاليُّ (107ـ198هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- مسعرٌ: وهوَ أبو سلمةَ، مِسعرُ بنُ كِدامٍ الهلاليُّ (ت: 153هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثّقات منْ أتباع التّابعينَ.
- قتادةُ: وهوَ أبو الخطّابِ، قَتادةُ بنُ دِعامةَ السّدوسيُّ (60ـ117هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّواية منَ التّابعينَ.
- زرارةُ بنُ أوفى: وهوَ أبو حاجبٍ، زرارةُ بنُ أوفى العامريُّ (ت:93هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى رحمةٍ منْ رحمةِ اللهِ عزّ وجلَّ في التّجاوزِ عنِ الخطأ والنّسيانِ عنَ أمّةِ محمّدٍ عليه الصّلاة والسّلام، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ اللهُ تعالى أنْعمَ عليهِ بهذهِ النّعمةِ لأمّتِه، أمّا الوسوسةُ فهيَ ما يدخلُ النّفسَ منْ وسوسةِ النّيةِ والكلامِ في عملِ السّيئةِ ويكونُ بما لمْ تقتنعْ بهِ النّفسُ، والخطأ ما كانَ خارجاً عنْ إرادةِ الإنْسانِ بطبيعتهِ البشريّةِ الخاطئةِ الضَعيفةِ، وقدْ تجاوزَ اللهُ عزّ وجلَّ عنهما مالمْ يتبعْهما عملٌ أوْ كلامٌ باللّسانِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- رحمةُ اللهِ تعالى بالإنْسانِ في كتابةِ أعمالهِ.
- تجاوز الله تعالى عنِ أمّةِ محمّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في الوسوسةِ والخطأ ما لمْ يتبعهما عملٌ أوْ كلامٌ.