لقدْ كانَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ حريصاً أنْ يبيّنَ لهذه الأمّةِ الحلالِ والحرامَ، وقدْ نقلَ الصّحابةُ رضوانُ اللهِ عليهمْ كثيراً منَ الأحكامِ إلى الأمّةِ ممّنْ وعوْها عنهُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ، ومنها ما يحلُّ وما يحرمُ منْ أحكامِ النّكاحِ، وممّا بيّنَهُ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ منْ أحكامِ النّكاحِ؛ حرمةُ خلوةِ الرّجلِ بالمرأةِ الأجنبيّةِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ في الصّحيحِ: ((حدّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدّثنا ليثُ، عنْ يزيدَ بنِ أبي حبيبٍ، عنْ أبي الخيرِ، عنْ عقبةَ بنِ عامرٍ، أنّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “إياكمْ والدّخولُ على النّساءِ”. فقالَ رجلٌ منَ الأنصارِ: يا رسولَ الله، أفرأيتَ الحموَ. قال: “الحموُ الموتُ”)). رقمُ الحديث:5232.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ النّكاحِ، بابُ: (لا يخلونّ رجلٌ بامرأةٍ)، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عقبةُ بنُ عامرٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ أبو حمّادٍ الجهنيُّ (ت: 58هـ)، وهوَ منَ الصّحابةِ الرّواةُ للحديث، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- قتيبةُ بنُ سعيدٍ: وهوَ أبو رجاءٍ، قتيبةُ بنُ سعيدِ بنِ جميلٍ الثّقفيُّ (148ـ240هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ في رواية الحديث.
- ليثٌ: وهوَ أبو الحارثِ، اللّيثُ بنُ سعدٍ الفهميُّ (94ـ175هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّوايةِ للحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- يزيدُ بنُ أبي حبيبٍ: وهوَ أبو رجاءٍ، يزيدُ بنُ أبي حبيبٍ سويدٍ الأزديّ (53ـ128هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ المحدّثينَ الثّقاتِ في الحديثِ.
- أبو الخيرِ: وهوَ مرثدُ بنُ عبدِ اللهِ المزنيّ (ت: 90هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثّقاتِ منَ التّابعينَ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى حكمٍ شرعيٍّ وهوَ حكمُ الخلوةِ والاختلاطِ بالمرأةِ الأجنبيَّةِ، وقدْ بينّ الحديثُ المذكورُ نهيَ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنْ أنْ يدخلَ الرّجلُ على المرأةِ الأجنبيّةِ والاختلاطُ بها دونَ محرمٍ، والنّهيُّ هنا نهيُ تحريمٍ، والعلّةُ منْ ذلكَ أنْ يبتعدَ عنِ الشّبهاتِ والوقوعِ في الحرامِ والزّنا، وأنْ تنتهكَ حرماتُ اللهِ تعالى، وقدْ بيّنَ الحديثُ منْ جوابِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ للأنصاريِّ الّذي سألهُ عنِ الحمو وهوَ قريبُ الزّوجِ منْ غيرِ آبائه وأبنائه حرمةُ ذلكَ، وقدْ وردَ عندَ أهلِ العلمِ أنّ الحموَ هوَ أخو الزّوجِ، وعلّةُ ذكرِ الحموِ في ذلكَ لكثرةِ وجودهِ معِ الزّوجِ لقرابتهِ، ممّا يدلُّ على حرمةِ ذلكَ أيضاً لمنْ هوَ أبعدُ منهُ درجةً.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- حرصِ الإسلام على تحريمِ انتهاكِ حرماتِ الأعراضِ.
- حرمةُ الخلوةِ بالمرأةِ الأجنبيّةِ والاختلاطِ بها منْ غيرِ محرمٍ.