لقدْ كانَ في حديثِ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّمَ كثيراً منْ الشّواهدِ الّتي تبيّنُ ما يخلُّ بإيمانِ المرءِ وما ينافي كمال الإسلام والإيمانِ، وقدْ بيّنَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّ مما ينافي كمالَ الإيمان الطّعنُ في أنسابِ الغيرِ والنّياحةِ، وأنّها منْ صفاتِ الكفر، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
يوردُ الإمامُ مسلمُ يرحمه الله في الصّحيحِ: ((وحدّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ ، حدّثنا أبو معاويةَ ح وحدّثنا ابنُ نميرٍ، واللّفظُ له، حدّثنا أبي ، ومحمّدُ بنُ عبيدٍ كلُّهمْ، عنِ الأعمشِ، عنْ أبي صالحٍ، عنْ أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “اثنتانِ في النّاسِ هما بهمُ الكفرُ: الطّعنُ في الأنسابِ والنّياحةُ على الميّتِ”)). رقمُ الحديث: 121.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الإيمانِ، بابُ: (الطّعنُ في النّسبِ والنّياحةِ)، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، وهو أكثرُ الصّحابةِ روايةً للحديثِ النّبويِّ، وبقيّةُ اسنادِ الحديثِ منَ الرّجالِ:
- أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ: وهوَ عبدُ اللهِ بنُ محمّدِ بنِ أبي شيبةَ العبسيُّ (159ـ235هـ)، وهو منْ تبعِ أتباع التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ.
- أبو معاويةَ: وهوَ محمّدُ بنُ خازمٍ التّميميُّ (113ـ194هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثّقات منْ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ نميرٍ وأبوهُ: أمّا ابنُ نميرٍ فهوَ محمّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ نميرٍ الهمدانيُّ (ت: 234هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ تبعِ الأتباعِ، وأبوهُ هوَ عبدُ اللهِ بنُ نميرٍ الهمدانيّ (115ـ199هـ)، وهو منْ ثقاتِ الرّواية للحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- محمّدُ بنُ عبيدٍ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ الأحدبُ، محمّدُ بنُ عبيدِ بنِ أبي أميّةَ الإياديّ (127ـ204هـ)، وهو منَ المحدّثينَ الثٌقاتِ منْ أتباع التّابعينَ.
- الأعمشُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأعمشُ (61ـ145هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ كبارِ التّابعينَ.
- أبو صالحٍ: وهوَ ذكوانُ السّمانُ الزّيّاتُ (ت: 101هـ)، وهوَ راوٍ ثقةٌ منَ التّابعينَ عنِ الصّحابة.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى أعمالٍ منافيةٍ للإيمانِ وهمَ الطّعنُ في الأنسابِ والنّياحةُ على الميّتِ، أمّا الطّعنُ في الأنسابِ فهوَ أنْ ينتقصَ الإنسانُ من نسبِ الغيرِ وتعليله والحاقِ العيب فيه، والنّياحة هي رفعُ الصّوتِ في البكاءِ على الميّتِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ أنّها منَ الكفرِ، وقدْ ذهبَ أهلُ العلمِ إلى أنّ ذلكَ يفسّرُ على أنّهُ منْ صفاتِ الكفرِ وما تخلّقَ به أهل الجاهليّةِ، وذهبَ آخرونَ إلى أنّهُ يؤدّي إلى الكفرِ أوْ أنّهُ منْ كفرِ النّعمةِ، وقيلَ أنّهُ ما يستحلُّ منْ محارمِ الله، والله أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد منَ الحديث:
- تحريمُ الطّعنِ في الأنسابِ.
- تحريم النّياحة على الميّت.