لقدْ دعا الإسلامُ إلى التّحلّي بالصّفاتِ الحسنةِ الّتي تعودُ بالنّفعِ على النّفسِ والغيرِ ولا تغضبُ وجه اللهِ تعالى، كما نهى عنْ بعضِ الصّفاتِ الّتي تنشرُ البغضَ والكراهيةَ بينَ النّاسِ، ومنها النميمة الّتي منْ شأنها أنْ تغضبَ النّاسَ بما يكرهونَ، وسنعرضُ حديثاً في تحريمِ النّميمةِ في الإسلامِ.
الحديث
أورد الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((وحدّثني شيبانُ بنُ فرّوخَ، وعبدُ اللهِ بنُ محمّدِ بنِ أسماءَ الضّبعيُّ، قالا: حدّثنا مهديٌّ ـ وهوَ ابنُ ميمونٍ ـ حدّثنا واصلٌ الأحدبُ، عنْ أبي وائلٍ، عنْ حذيفةَ، أنّهُ بلغهُ أنّ رجلاً ينمُّ الحديثَ، فقالَ حذيفةُ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يقولُ: “لا يدخلُ الجنّةَ نمّامٌ”)). رقمُ الحديث: 168/105.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الإيمانِ، بابُ: (بيانُ غِلظُ تحريمِ النّميمةِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ كاتمِ سرِّ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ حذيفةَ بنِ اليمانِ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ عنْ رسولِ اللهِ عليه الصّلاةُ والسّلامُ منَ الصّحابةِ، أمّا رجالُ السّندِ البقيّةُ:
- شيبان بن فروخ: وهوَ أبو محمّدٍ، شيبانُ بنُ فرّوخَ الأبليُّ (140ـ236هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ الثّقاتِ.
- عبدُ الله بنُ محمّدٍ: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، عبدُ اللهِ بنُ محمّد بنِ أسماءَ الضّبعيُّ (ت: 231هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- مهديٌّ: وهوَ ابو يحيى، مهديُّ بنُ ميمونَ الأزديُّ المعوليُّ (ت:172هـ)، وهو منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- واصلٌ الأحدبُ: وهوَ واصلُ بنُ حيّانَ الأحدبُ الأسديّ (ت: 120هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباع التّابعينَ.
- أبو وائل: وهوَ شقيقُ بنُ سلمةَ الأسديُّ (1ـ82هـ)، وهو من رواة التّابعين الثّقات في رواية الحديث عنِ الصّحابة.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى تحريم النّميمة، والنّميمةُ هي نقلُ كلامِ الغيرِ إلى الغيرِ بدافعِ الإفسادِ ونشر البغضِ بينهم، وقدْ ذكرَ الحديثُ قصةَ رجلٍ كانَ ينمُّ الحديثَ، فروى حذيفةَ هذا الحديثَ عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، وقدْ بيّنَ الحديثُ تحريمَ النّميمةِ وأنَّ النّمامَ لا يدخلِ الجنّةَ، وقدْ ذكر أهلُ العلمِ في عدمِ دخوله الجنَّةَ أنّه لا يدخلها معَ السّابقينَ في دخولها منْ أهلِ الإيمانِ وقيَلَ أنّهُ لا يدخلها بتاتاً إذا كانَ مستحلّاً حرمةَ النّميمةِ، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- تحريمُ الإسلامِ لأي دوافعِ نشر البغيضةِ بينَ المسلمينَ.
- تحريمُ الإسلامُ النّميمةَ.