لقدْ علّم رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منَ الآدابِ في كلّ شيءٍ منْ أمورِ حياتهم، ومنَ الآدابِ الّتي علّمها عليه الصّلاةُ والسّلامُ آدابُ الاستئذانِ في الدّخولِ إلى بيت الغيرِ حفاظاً على حرمةِ المسلمينَ وحفظاً لأعراضهم، ومنْ الآدابِ الّتي بيّنها رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ حرمةُ النّظر إلى البيوتِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثني زهير بنُ حربٍ، حدّثنا جريرٌ، عنْ سهيلٍ، عنْ أبيهِ، عنْ أبي هريرةَ ، عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، قال: “منِ اطّلعَ في بيتِ قومٍ بغيرِ إذنهمْ فقدْ حلّ لهمْ أنْ يفقِئوا عينه”)). رقمُ الحديث: 34/2158.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاج النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الآدابِ، بابُ: (تحريمُ النّظر في بيتِ غيره)، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيّ الجليلِ أبي هريرة رضيَ اللهُ عنهُ ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ اليمانيُّ (ت: 57هـ)، وهوَ منْ أكثرِ الصّحابة روايةً للحديثِ عنْ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- زهيرُ بنُ حربٍ: وهوَ أبو خيثمةَ، زهيرُ بنُ حربِ بنِ شدّادَ الحرشيُّ البغداديُّ (160ـ232هـ)، وهو منْ رواة الحديثِ الثّقات منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- جريرٌ: وهوَ أبو عبدِ الله، جريرُ بنُ عبدِ الحميدِ بنِ جريرٍ الضّبّيُّ (110ـ188هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- سهيلٌ: وهوَ أبو يزيدَ، سهيلُ بنُ أبي صالحٍ ذكوانَ السّمانُ الزّيّاتُ (ت: 138هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- أبو سهيلٍ: وهوَ أبو ذكوانُ أبو صالحٍ السّمانُ الزّيّاتُ المدنيُّ (ت: 101هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى أدبٍ منْ آداب البيوتِ والاستئذانِ في الدّخول إليها، وهوَ تحريمُ النّظرِ إلى بيتِ الغيرِ دونَ إذنِ أصحابه، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ حرمةُ ذلكَ في تحليلِ فقئِ عينِ منْ يفعلُ ذلكَ، وفي تحليلِ فقأ عينِ النّاظرِ بيانٌ لحرمةِ هذا الفعلُ، وحكمةُ التحريمِ هوَ حمايةُ لأسرارِ البيوتِ وحفاظاً لأعراضِ النّاسِ واحتراماً لخصوصيّة البيوتِ، وقدْ ذكرَ أهلُ العلمِ في فقأ عينِ النّاظر هلْ ينبّهُ في ذلكَ قبلَ ذلكَ أمْ لا، فذكرَ بعضهم أنّهُ ينبهُ قبلَ فقئِ عينه، وقالَ آخرونَ لا ينبّهُ استناداً لهذا الحديث.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- حرصُ الإسلامِ على الاستئذانِ وحفظِ الأعراضِ وخصوصيّة البيت الإسلاميّ.
- جوازُ فقأ عين النّظر في البيوت دونَ إذنِ أهلها.