لقدْ جاءَ الإسلامُ مهذّباً للنّفسِ البشريّةِ منَ الكبر والبطرِ، ودعا الإنسانُ إلى أنْ يكونُ متواضعاً في حياته ومعاملاته وفي لباسه، وقدْ جاءَ في كثيرٍ منَ الشّواهدِ منَ الحديثِ ما يحرّمُ اللّباسِ المتكبّر، وأنْ يجرّ الرّجلُ ثوبه خيلاءً، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ: ((حدّثنا يحيى بنُ يحيى، قال: قرأتُ على مالكٍ، عنْ نافعٍ، وعبدِ الله بنِ دينارٍ، وزيدِ بنِ أسلمَ، كلّهمْ يُخبرهُ عنِ ابنِ عمرَ، أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّمَ قال: “لا ينظرُ اللهُ إلى منْ جرَّ ثوبهُ خُيلاءَ”)). رقمُ الحديث/:42/2085.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ اللّباسِ والزّينةِ، بابُ: (تحريمُ جرّ الثّوبِ خُيلاء)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما، وهوَ عبد الله بن عمر بنُ الخطّاب القرشي، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ من الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ إسنادِ الحديثِ منَ الرّجال:
يحيى بنُ يحيى: وهوَ أبو زكريا، ريحانةُ نيسابورَ، يحيى بنُ يحيى بنِ بكرٍ التّميميُّ النّيسابوريُّ (142ـ226هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- مالكٌ: وهوَ أبو عبدِ الله، الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ الأصبحيُّ الحميريُّ (93ـ179)، صاحبُ المذهب الفقهيِّ المالكيِّ، منْ ثقات الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- نافعٌ: وهوَ أبو عبدِ الله، نافعٌ مولى عبد الله بنِ عمرَ بنِ الخطّاب القرشيُّ (ت:116هـ)، وهوَ من ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
- عبدُ الله بنُ دينارٍ: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، عبدُ الله بنُ دينارٍ القرشيُّ (ت: 127هـ)، وهوَ أيضاً منْ ثقات التّابعينَ في الرّواية.
- زيدُ بنُ أسلمَ: وهوَ أبو أسامةَ، زيدُ بنُ أسلمَ القرشيُّ (ت: 136هـ)، منْ ثقات التّابعينَ في رواية الحديث.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى حكمْ منْ أحكامِ اللّباسِ، وهوَ تحريمُ جرّ الرجل ثوبه خُيلاءً، وقدْ نهى النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنْ أنْ يجرَّ الرّجلُ ثوبهُ خُيلاءَ، وبيّنَ أنّ الله لا ينظرُ إليه، وعدمُ نظرِ الله إلى صاحبِ الذّنبِ دلالةُ على حرمته وعظمه، والحكمةُ منَ التحريمِ في ذلكَ منْ بابِ الكبرِ وخشيةِ النّجاسةِ، والأصلُ أنْ لا يتجاوزَ الثّوبُ الكعبين، فإنْ تجاوزَ منْ بابِ الخيلاءِ فهو محرّمُ، أمّا إنْ كانَ منْ غيرِ خُيلاءَ فهو مكروهُ للتنزيهِ، واللهُ تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
من الفوائدِ منَ الحديث:
- تحريمُ جرّ الثّوبِ خيلاء.
- عظمُ ذنب منْ يجرّ ثوبه خُيلاءَ وعدم نظر الله إليه.