لقدْ بيّنَ الإسلامُ للمسلمينَ كثيراً منْ أحكامِ دينهمْ ودنياهم، وقدْ كانتِ البيوعُ منَ الجوانبِ الّتي بيّنها الإسلامُ للنّاسِ كي لا يقعوا في المحظورِ وشبهةِ الحرامِ، كما دعا الإنسانَ إلى أنْ يتفقهَ قبلَ أنْ يشرعَ في البيعِ والشّراءِ، ومنَ الأحكامِ الّتي بيّنها الحديثُ النّبويُّ، حكمُ بيعِ منْ اشترى شيئاً فباعهُ لآخرَ قبلَ أنْ يقبضهُ، فتعالوا معنا في حديثٍ يبيّنُ ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ في كتابِ البيوعِ: ((حدّثنا عليُّ بنُ عبدِ اللهِ، حدّثنا سفيانُ، قالَ: الّذي حفظْناهُ منْ عمرو بنِ دينارٍ سمعَ طاؤسَ يقولُ: سمعتُ ابنَ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما يقولُ: أمّا الّذي نهى عنهُ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فهوَ الطّعامُ أنْ يباعَ قبلَ أنْ يقبضَ. قالَ ابنُ عبّاسٍ: ولا أحسِبُ كلّ شيءٍ إلّا مثلهُ)). رقمُ الحديث: 2135.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحِهِ في كتابِ البيوعِ؛ بابُ بيعِ الطّعامِ قبلَ أنْ يقبضَ، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما، حبرُ الأمَّةِ ومنْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ من الصّحابةِ، أمّا رجالُ سندِ الحديثِ:
- عليُّ بنُ عبدِ اللهِ: وهوَ أبو الحسنِ، عليّ بنُ عبدِ اللهِ السّعديُّ والمعروفِ بعليِّ بنِ المدينيِّ (161ـ234هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتْباعِ التّابعينَ.
- سفيانُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سفيانُ بنُ عيينةَ الهلاليُّ (107ـ198هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الحديثِ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- عمرو بن دينارٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، عمرو بنُ دينارٍ المكّيُّ (46ـ126هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منَ التّابعينَ.
- طاؤس: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، طاؤسُ بنُ كيسان الحميريُّ اليمانيُّ (ت:104هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى حكمْ منْ أحكامِ البيعِ في الإسلامِ، وهوَ حكمُ بيعِ ما اشتراهُ المسلمُ وأرادَ بيعهُ قبلَ أنْ يستلمهُ ويقبضهُ، وهوَ ما جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما في تحريمِ هذا البيعِ منَ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، والحكمةُ منْ ذلكَ قدْ تكونُ في البعدِ عنْ شبهةِ الرّبا، فقبلَ أنْ يقبَضَ ما اشتراهُ المسلمُ لا يزالُ ثمناً، وبيعةُ بالمالِ يعني بيعُ مالٍ بمالٍ، فإذا زادَ الثّمنُ عنْ ثمنِ الشّراءِ كانتِ الزّيادةُ رباً حراماً واللهُ تعالى أعلمْ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدّروسِ المستفادةِ منَ الحديث:
- حرمةُ بيعِ ما لمْ يقبضُ منَ الشّراءِ.
- ضرورةُ التحرّزِ في البيعِ والشّراءِ خوفاً منَ الوقوعِ في الحرامِ.