لقدْ خلق الله تعالى الإنسانَ وجعلَ لهُ منْ أسباب الهداية ما يفتحُ طريقه إلى توحيدِ الله تعالى، ومن أسباب هدايته العقلُ الإنسانيُّ والرّسلُ، كما بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاة والسلامُ أنّ منْ أهمِ أسباب الهداية خلقُ الإنسانِ على فطرة الإسلامِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاج النّيسابوريُّ في الصّحيح: ((حدّثنا حاجبُ بنُ الوليدِ، حدّثنا محمّدُ بنُ حربٍ، عنِ الزّبيديِّ، عنِ الزّهريِّ، أخبرني سعيدُ بنُ المسيّبِ، عنْ أبي هريرةَ أنّهُ كانَ يقولُ: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّمَ: “ما من مولودٍ إلّا يولدُ على الفطرةِ، فأبواهُ يهوّدانه، وينصرانهِ، ويمجّسانه، كما تنتج البهيمةُ بهيمةً جمعاءَ، هل تحسّونَ فيها منْ جدعاءَ؟” ثمّ يقولُ أبو هريرةَ: واقرءوا إنْ شئتم: { فطرت الله الّتي فطرَ النّاسَ عليها لا تبديلَ لخلقِ الله})). رقمُ الحديث: 22/2658.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريّ في الصّحيحِ في كتاب القدرِ، بابُ: (معنى كلّ مولود يولدُ على الفطرة)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ الله عنهُ وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، وهوَ منْ أكثرِ الصّحابة روايةً للحديثِ النّبويِّ، أمّا بقيّةُ اسنادِ رجال الحديث:
- حاجبُ بن الوليدِ: وهوَ أبو أحمدَ، حاجبُ بنُ الوليدِ بنِ ميمونَ الأعورُ الشّاميُّ (ت: 228هـ)،وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- محمّدُ بنُ حربٍ: وهوَ أبو عبدِ الله، محمّدُ بنُ حربٍ الخولانيُّ (ت: 194هـ)، وهو منْ ثقات الرّواية للحديثِ منْ تبعِ الأتباع.
- الزّبيديّ: وهوَ أبو الهذيلِ، محمّدُ بنُ الوليدِ بنِ عامرٍ الزّبيديُّ (ت:146هـ)، وهوَ راوٍ ثقةٌ منْ أتباع التّابعينَ.
- الزّهريّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ أفاضل ثقات المحدّثينَ منَ التّابعين.
- سعيدُ بنُ المسيّب: وهوَ أبو محمّدٍ، سعيدُ بنُ المسيّبِ بنِ حزنٍ القرشيُّ المخزوميُّ (ت: بعد 90هـ)، وهوَ منْ كبار ثقات الحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى أنّ كلُّ مولودٍ يولدُ على فطرةِ الإسلامِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ الإنسانَ يولدُ على فطرةِ الإسلامِ وهوَ تصديقُ لقولِ الله تعالى: {فطرت الله الّتي فطرَ النّاسَ عليها لا تبديلَ لخلقِ الله)، ثمّ بينَ عليه الصّلاة والسّلامُ أنّ ما يعيشهُ الإنسانُ منْ حياةِ أبويهِ تنعكسُ عليه فتخرجُ منه يهودياً أو نصرانياً أو مجوسيّاً، فأصلِ هدايته موجودٌ وهوَ صبغةُ خلقه.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- الإسلامُ هوَ فطرة الله تعالى للإنسان.
- كلّ مولودٍ يولدُ مسلماً، وأبويه منْ يثبّتانه أو يبعدانه.