حديث في خلق الإنسان وخواتيم الأعمال

اقرأ في هذا المقال


إنَّ اللهُ تعالى خلقَ ابنَ آدَمَ منَ العدمِ، وأنشأهُ خلقاُ مصوَّراً في هيئتِهِ بأحسنِ تقويمٍ، وهذا يدُلُّ على عظمته سبحانهُ وتعالى، وعلى أنَّهُ المتفرِّدُ بالخلقِ والعبادَةِ، وأمر الإنْسانَ بالتوحيدِ، وعملِ الطَّاعاتِ، وقدْ جاءَ الحديثُ مؤكِّداً لذلكَ داعياً إلى توحيدِ اللهِ، ومحذّراً منْ سوء الخواتيم، وسنعرض حديثاً في ذلكَ.

الحديث:

يروي الإمامُ البخاريُّ في الصَّحيحِ: ((حدَّثنا الحسنُ بنُ الرَّبيعِ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، عنِ الأعمشِ، عنْ زيدِ بنِ وهبٍ، قالَ عبدُ اللهِ: حدَّثنا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ وهوَ الصَّادقُ المصدوقُ، قال: (إنَّ أحدكمْ يُجمعُ خلقهُ في بطنِ أمِّهِ أربعينَ يوماً، ثمَّ يكونُ علقَةً مثلَ ذلكَ، ثمَّ يكونُ مضغةً مثلَ ذلكَ، ثمَّ يبعثُ اللهُ ملكاً فيُؤمرُ بأربعِ كلماتٍ، ويقالُ لهُ: اكتبْ عمَلَهُ ورزقُهُ وأجَلُهُ وشقيٌّ أو سعيدٌ، ثمَّ ينفخُ فيهِ الرُّوحُ، فإنَّ الرَّجلَ منكُمْ ليعملُ حتَّى ما يكونُ بينهُ وبينَ الجنَّةِ إلَّا ذراعٌ، فيسبقُ عليهِ كتابُهُ فيعملُ بعملِ أهل النَّارِ، ويعملُ حتَّى ما يكونُ بينهُ وبينَ النَّارِ إلَّا ذراعٌ، فيسبقُ عليهِ الكتابُ فيعملُ بعمل أهل الجنَّةِ). رقمُ الحديثِ:3208)).

ترجمة رجال الحديث:

الحديثُ يرويهِ الإمامُ مُحمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كتابِ بدءِ الخلقِ، بابُ ذكرِ الملائكةِ، والحديثُ يرْويهِ منْ طريقِ الصَّحابيِّ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ الهذليِّ، منَ المكثرينَ لرواية الحديثِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهمْ:

  1. الحسنُ بنُ الرَّبيعِ: وهوَ الحسنُ بنُ الرَّبيعِ البجْليُّ، منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ، وكانتْ وفاتُهُ في 221هـ .
  2. أبو الأحوصِ: وهوَسلامُ بنُ سليمٍ الحنفيُّ، منْ أتباع التّابعينَ، وكانتْ وفاتُهُ في 179هـ .
  3. الأعمشُ: وهوسليمانُ بنُ مهرانَ، منْ كبارِ التَّابعينَ المُحدِّثينَ وأشهرهم، وكانتْ وفاتُهُ في 145هـ .
  4. زيدُ بنُ وهبٍ: وهوَ زيدُ بنُ وهبٍ الجًهنيُّ، منْ رواةِ التَّابعينَ، وكانتْ وفاتُهُ في 145هـ .

دلالة الحديث:

يشيرُ الحديثُ إلى:

  • مراحل خلق الإنْسان: وهوَ أنَّ الإنْسانَ يجمَعُ في رحمِ أمِّهِ نطفةً أربعينَ يوماً، ثمَّ تتكوَّنُ النُّطفةُ لتكونَ علقةً، والعلقةَ تكوُّنٌ يتعلَّقُ في رحمِ الأمِّ كالعلقةِ، ثمَّ تتصوَّرُ العلقَةُ مضغةً، كمضغَةِ الأكلِ عندما تمضغُ في الفمِ، ثمَّ بعدَ ذلكَ تؤمرُ الملاءكةُ بكتبِ الرِّزقِ والعملِ والأجلِ والشَّقاءِ أوِ السَّعادَةِ ونفخ الرُّوحِ في الجسدِ، وأعمالُهُ وغيرها ما كانَ في علمِ اللهِ القديمِ قبلَ أنْ يخلِقَ الأرضَ وماعليها وقبلَ أنْ يخلقَ هذا الإنْسانِ، وعلمُهُ القديمِ يتمثَّلُ بمعرفَةِ هذا كُلِّهِ.
  • خواتيمِ الأعمال: كما يشيرُ الحديثُ إلى خواتيمِ الإعمال للإنْسانِ بناءً على علمِ اللهِ المسبقِ، وذلكَ بأنَّ الإنْسانَ يقومُ بعملِ أهل الجنَّةِ بحسبانِهِ فتنقلبُ أحوالُهُ فيعملُ بعملِ أهل النَّارِ فيموتُ على ذلكَ، وبالعكسِ فيمنْ عملَ بعملِ أهل النَّارِ فيهتدي لطريقِ أهل الجنَّةِ فيموتُ على ذلكَ، وفي هذا دعوةُ إ‘لى المُثابرةِ في الطَّاعاتِ والبعدِ عنِ المُحرَّماتِ وتعظيمِ فعلِها كي ينجو منْ سوءِ الخاتمة.

ما يرشد إليه الحديث:

من الدُّروس والعبر المستفادة منَ الحديث:

  • عظمُ اللله تعالى في الخلقِ والتَّكوينِ، وحسنِ التقويمِ في خلقه تعالى للإنْسانِ.
  • علمُ الله تعالى المسبقِ لكلِّ شيءٍ قبلَ حدوثه.
  • الدَّعوةُ إلى الطَّاعاتِ والبعد عن المعاصي لتجنُّبِ سوء الخواتيم.

شارك المقالة: