لقدْ كانَ عليه الصّلاة والسّلامُ حريصاً على أنْ يبيّن لصحابته كثيراً منَ الفتنِ قبيل قيامِ السّاعة، وزذلكَ لينقلوا أخبارها إلى الأمّة منْ بعدهمْ لكي لا يكونَ للنّاسِ حجّةً في تبيانها، ومنْ علامات السّاعة الّتي بيّنها عليه السّلامُ عبادة الأوثانِ ورجوعها لأرض العربِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ في الصّحيحِ: ((حدّثني محمّدُ بنُ رافعٍ، وعبدُ بنُ حميدٍ، قال عبدُ: أخبرنا، وقالَ ابنُ رافعٍ: حدّثنا عبدُ الرّزّاقِ، أخبرنا معمرٌ، عنِ الزّهريِّ، عنِ ابنِ المسيّبِ، عنْ أبي هريرةَ، قال: قالَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّمَ: “لا تقومُ السّاعةُ حتّى تضطربَ ألياتُ نساءِ دوسٍ حولَ ذي الخلصةِ”. وكانتْ صنماً تعبدها دوسٌ في الجاهليّةِ بِتَبالةَ)). رقمُ الحديث: 51/2906.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاج النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الفتنِ وأشراطِ السّاعة، بابُ: (لا تقومُ السّاعة حتّى تعبدَ دوسٌ ذا الخلصة)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابة روايةً للحديثِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- محمّدُ بنُ رافعٍ: وهوَ أبو عبدِ الله، محمّدُ بنُ رافعِ بنِ سابورَ القشيريُّ (ت: 245هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديث منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- عبدُ بنُ حميدٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، عبدُ بنُ حميدٍ الكسّيُّ/الكّشّيُّ (ت: 249هـ)، وهوَ منَ الثّقات منْ تبع الأتباع.
- عبدُ الرّزّاقِ: وهوَ أبو بكرٍ، عبدُ الرّزّاقِ بنُ همّامَ الصّنعانيُّ (126ـ211هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ تبعِ أتباع التّابعينَ في رواية الحديث.
- معمرٌ: وهوَ أبو عروةَ، معمرُ بنُ راشدٍ الأزديُّ (96ـ150هـ)، وهوَ راوٍ ثقة في الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
- ابنُ المسّيّبِ: وهوَ أبو محمّدٍ، سعيدُ بنُ المسيّبِ بنِ حزنٍ القرشيُّ (ت: بعدَ 90هـ)، وهوَ منْ ثقات التّابعينَ في الرّواية عنِ الصّحابة.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى علامةٍ منْ علامات السّاعةِ وهي رجوعُ عبادة الأوثانِ، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ أنّ السّاعةَ لا تقومُ حتّى ترجعَ نساءُ دوسٍ تطوفُ حولَ صنمها الّذي كانتْ تعبده دوسٌ في الجاهلية بتبالةَ، وأليات دوس هي عجائزها، واضطرابها يعني كفرها وتعظيمها لعبادة الأصنامِ، ويكونُ ذلكَ في أرضِ اليمنِ، أمّا تبالة في الحجاز فهي غير مقصودةٍ في هذا الحديث.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد منَ الحديث:
- شدّةُ الفتنِ الّتي تسبق قيام السّاعة.
- رجوعُ عبادة الأوثان قبل قيام السّاعة وهي منْ أشراطها.