لقدْ جاءَ الإسلامُ ليمحو كلَّ أخلاقِ الجاهليّة ومعتقداتها، وليهذبَ النّفسَ الإنسانيّةَ ويجعلها خالصةَ لوجه الله بالعبوديّةِ، وما بَعُدَ الإسلامُ حتّى ترجعَ أعرافُ الجاهليّةِ وأخلاقُها قبلَ قيامِ السّاعةِ ومنها عبادةُ الأصنامِ، وقدْ أخبرَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بذلكَ بالحديثِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ البخاريُّ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو اليمانِ، أخبرنا شعيبٌ، عنِ الزّهريِّ، قال: قال سعيدُ بنُ المسيَّبِ: أخبرني أبو هريرةَ رضي اللهُ عنه، أنّ رسولَ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “لا تقومُ السّاعةُ حتّى تضطربَ ألَيَاتُ دَوْسٍ على ذي الخَلْصةِ”. وذو الخلصةِ: طاغيةُ دّوسٍ الّتي كانوا يعبدونَ في الجاهليّةِ)). رقمُ الحديث:7116.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الفتنِ، بابُ: (تغييرِ الزّمانِ حتّى يعبدوا الأوثانَ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ، وهوَ منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديث النّبويِّ الشّريفِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- أبو اليمانِ: وهوَ الحكمُ بنُ نافعٍ البهرانيُّ الحمصيُّ (138ـ221هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- شعيبٌ: وهوَ أبو بشرٍ، شعيبُ بنُ أبي حمزةَ دينارٍ القرشيّ (ت: 162هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ التّابعينَ المحدّثينَ الكبارِ وأوثقهمْ.
- سعيدُ بنُ المسيّبِ: وهو أبو محمّدٍ، سعيدُ بنُ المسيّبِ بنِ حزنٍ المخزوميُّ (ت:90هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منَ التّابعينَ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى فتنةٍ منْ فتنِ الدّنيا الّتي أخبرَ عنها النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّها ستكونُ قبلَ قيامِ السّاعةِ، وهي رجوعُ عبادةِ الأصنامِ بعدما جاءَ الإسلامُ ليطمسَها ويسلمَ الإنسانيّةَ للهِ وحدّهُ، وقدْ بيّن عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّ الأوثانَ سترجعُ إلى جزيرة العربِ وسترجعُ عجائزُ دوسٍ مضطربةً حولَ صنمِ ذي الخلصةِ، وفي هذا دلالةٌ على رجوعِ عبادة الأصنامِ، وذي الخلصةِ هوَ صنمُ كانَ أهلُ دوسٍ يعبدونَهُ في الجاهليّةِ والعياذُ باللهِ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد منَ الحديث:
- الإسلامُ جاءَ ليهذّبَ النّفسَ البشريةُ ويعتقها منَ العبوديّة لغير الله تعالى.
- عودةُ عبادةِ الأصنامِ قبل قيامِ السّاعة.