لقدْ أخبرَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ الصّحابةِ بأحداثٍ منْ علمِ الغيبِ في المستقبلِ، ومنها ما حصلَ ومنها مالمْ يحصلْ، ومنْ ذلكَ أنّهُ أخبرَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بزوالِ كسرى وقيصرَ من العراق وبلاد والشّامِ، وأنّ المسلمونَ سيأخذونَ قصورهما وكنوزهما غنيمة لهمْ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ: ((حدّثنا عمرو النّاقدُ، وابنُ أبي عمرَ ـ واللفظُ لابنِ أبي عمرَ ـ قالا: حدّثنا سفيانُ، عنْ الزّهريِّ، عنْ سعيدِ بنِ المسيّبِ، عنِ أبي هريرةَ، قال: قال رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّمَ قال: “قدْ مات كسرى فلا كسرى بعدهُ، وإذا هلكَ قيصرُ فلا قيصرَ بعدهُ. والّذي نفسي بيدهِ لتنفقنّ كنوزهما في سبيل الله”)). رقمُ الحديث:75/2918.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الفتن وأشراط السّاعة، بابُ: (لا تقومُ السّاعة حتّى يتمنّى الرّجل أنْ يكونَ مكانِ الميّت)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرة الدّوسي رضي اللهُ عنه، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ (57هـ)، وهوَ منَ أكثرِ الصّحابة روايةً للحديثِ ِ، أمّا بقيّةُ إسنادِ الحديثِ منَ الرّجال:
- عمرو النّاقدُ: وهوَ أبو عثمانَ، عمرو بنُ محمّدُ بنُ بكيرٍ البغداديُّ(ت:231هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ أبي عمرَ: وهوَ أبو عبدِ الله، محمّدُ بنُ يحيى بنِ أبي عمرَ العدنيُّ (ت: 243هـ)وهوَ منْ ثقات رواة الحديث منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- سفيانُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سفيانُ بنُ عيينةِ بنِ أبي عمرانَ الهلاليُّ (107ـ198هـ) وهوَ من ثقات المحدّثينَ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ(50ـ125هـ)، وهوَ منْ كبارِ ثقات التّابعينَ في الرّواية.
- سعيدُ بنُ المسيّب: وهوَ أبو محمّدٍ، سعيدُ بنُ المسيّبِ بنِ حزنٍ القرشيُّ (ت: 93هـ)، وهوَ منْ محدّثي التّابعينَ الثّقات المشهورين.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى زوالِ كسرى وقيصرَ بعدَ موتهما، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ أنّهما إذا ماتا لنْ تقومَ لهمْ بعدَ ذلكَ دولةً، وأنّ كنوزهما سيأخذها المسلمونَ وستنفقُ في سبيلِ الله، وقدْ صدقَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم، وَفي ذلكَ وفتحَ المسلمونَ بلادَ العراقِ وبلادَ الشّامَ بعدَ ذلكَ ولمْ تقمْ لهمْ دولةً إلى عهدنا هذا، وأنْ كسرى تمزّقَ ملكهُ في العراقِ بدعوة النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ عليه، وأمّا قيصرَ فانهزمَ في بلادِ الشّام، وافتتح المسلمونَ بلادهُ وانفقتْ كنوزه في سبيل الله، وفي هذا دليلٌ على صدقِ ما قاله عليه الصّلاة والسّلام.
ما يرشد إليه الحديث
من الفوائدِ منَ الحديث:
اخبار النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلام بوقائع في المستقبل حدثتْ.
اخبر النّبيُّ بزوالِ كسرى وقيصر وقدْ حدثَ ذلك.