لقدْ فرض اللهُ علينا الصَّلاةَ وجعلها عمادُ الدِّينِ، وقدْ علَّمنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الخشوعُ في الصّلاةِ والطمأنينةَ في أدائها، واستحضارُ مراقبةِ اللهِ تعالى فيها، ولكنَّ الإنْسانَ بطبيعتهِ قدْ ينسى ويخطئ في أدائها، فما كانَ منَ النَّبيِّ إلا قدْ علَّمنا كيف نسدُّ الخللّ في الصَّلاةِ إذا سهوْنا فيها وهي أنْ يسجدَ الإنسانُ سجدتينِ قبلَ التَّسليمِ وهما سجودُ السَّهوِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ في بابِ ما جاءَ في السَّهوِ: ((حدَّثنا آدمُ، حدَّثنا شعبةُ، عنْ سعدِ بنِ إبراهيمَ، عنْ أبي سلمةَ، عنْ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه، قال: صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الظُّهرَ أوِ العصرَ فسلَّمَ فقالَ لهُ ذو اليدينِ: الصَّلاةُ يا رسولَ اللهِ، أنقصتْ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأصحابهِ: (أحقٌ ما يقولُ؟) قالوا: نعمْ. فصلَّى ركعتينِ أُخريينِ ثمَّ سجدَ سجدتينِ)). رقمُ الحديث:1227.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في بابِ ما جاءَ في السَّهوِ؛ بابُ إذا سلَّمَ في ركعتينِ أوْ ثلاثٍ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ صخرٍ الدُّوسيُّ، وهوَ منْ أكثرِ الصَّحابةِ روايةً للحديثِ عنِ النَّبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديث:
- آدمُ: وهوَ أبو الحسنِ، آدمُ بنُ أبي إياسٍ العسقلانيُّ (132ـ220هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في روايةِ الحديث.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطام، شعبةُ بنُ الحجَّاجِ العتكيُّ الأزْديُّ (82ـ160هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدِّثينَ منْ أتباعِ التَّابعينَ.
- سعدُ بنُ إبراهيمَ: وهوَ أبو إسحاقَ، سعدُ بنُ إبراهيمَ الزُّهريُّ (55ـ125هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الحديثِ منَ التَّابعينَ.
- أبو سلمةَ: وهوَ أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ القرشيُّ (بضعٍ وعشرينَ ـ93هـ)، وهوَ منَ التَّابعينَ في روايةِ الحديث.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى مشروعيةِ سجودِ السَّهوِ، وهوَ ما جاءَ في روايةِ أبي هريرةَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عندما صلَّى الظُّهرَ أوِ العصرَ فنسيَ وصلَّى ركعتينِ وبعدما أُخبرَ في ذلكَ قامَ بسجودِ السَّهوِ بعدما جاءَ بما نقصَ منَ الصَّلاةِ، فسجدَ سجدتينِ قبلَ أن يسلِّمَ، وهيَ هيئةُ سجودِ السَّهوِ، وقدْ وردَ بطرقٍ أخرى سجودُ السَّهوِ بعدَ التَّسليمِ، وسجودُ السَّهوِ سنَّةُ لا فرضُ فإذا نسيها المسلمُ صحَّتْ صلاتُهُ واللهُ أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدروسِ والفوائدِ منَ الحديثِ:
- مشروعيَّةُ سجودِ السَّهوِ بفعلِ النَّبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.
- سجودُ السَّهوِ سجدتينِ قبلَ التّسليمِ.