لقدْ كانَ للإسلامِ منَ الأحكامِ مابيّنَ للنّاسِ أمورَ حياتهم، كي لا يكونَ للنّاسِ حجّةُ بعدَ أحكامِ دينهم الحنيف، ومنَ الأحكامِ الّتي شرعها الإسلامُ وبيّنها البلوغُ عندَ الصّبيِّ حتّى يكلّفَ ويكونُ مقبولاُ في ما يكونُ للبالغ، وقدْ بيّنَ الحديث بكثيرٍ منَ الشّواهدِ متى يطالبُ الصّبيُّ بالأحكامِ ومتى يكونُ ذلكَ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيح: ((حدّثنا عبيدُ اللهِ بنُ سعيدٍ، حدّثنا أبو أسامةَ، قال: حدّثني عبيدُ اللهِ، قال: حدّثني نافعٌ، قال: حدّثني ابنُ عمرٍ رضيَ اللهُ عنهما، أنّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عرضهُ يومَ أحدٍ وهوَ ابنُ أربعَ عشرةَ سنةً، فلمْ يُجزْني، ثمّ عرضني يومَ الخندقِ وأنا ابنُ خمسةَ عشرةً سنةً فأجازني)). رقمُ الحديث:2664.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في كتابِ الشّهاداتِ، بابُ بلوغِ الصّبيانِ وشهادتهم، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ عبدُ الله بنُ عمر بنِ الخطّابِ القرشيُّ، وهوَ منَ المكثرينَ لروايةِ الحديث منَ الصّحابةِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أمّا رواةُ الحديثِ في السّندِ:
- عبيدُ الله بنُ سعيدٍ: وهوَ أبو قدامةَ، عبيدُ الله بنُ سعيدِ بنِ يحيى السّرخسيُّ (ت:241هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ في رواة الحديثِ وهو ثقةٌ.
- أبو أسامةَ: وهو حمّادُ بنُ أسامةَ القرشيُّ الهاشميُّ (121ـ201هـ)، وهوَ منَ الثّقات الرّواةِ للحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- عبيدُ الله: وهوَ أبو عثمانَ، عبيدُ اللهِ بنُ عمرَ بنِ حفصٍ القرشيُّ (ت:147هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ من أتباع التّابعينَ.
- نافعٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، نافعٌ مولى عبد الله بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ (ت:116هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّوايةِ منَ التّابعينَ وأكثرهمْ روايةً عنْ عبدِ اللهِ بنِ عمر.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى سنِّ جوازِ الصّبيِّ وتكليفهِ بأحكامِ الشّرعِ، ويكونُ ذلكَ في بلوغهِ خمسَ عشرةَ سنةً، وهوَ ما بيّنهُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ بنِ الخطّابِ عندما عٌرضَ على النّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلّمَ في غزوةِ أحدٍ وعمرهُ حينها أربعَ عشرةَ سنةً فرفضهُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ، وأجازهُ في غزوةِ الخندقِ عندما بلغ الخامسةَ عشرَ منْ عمره، وقدْ قيس على ذلكَ سنُّ قبولِ شهادةِ الصّبيِّ وتكليفهِ، وفي نفسِ الحديثِ يروي نافعٌ: (( فقدمتُ على عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ وهوَ خليفةٌ فحدّثتهٌ هذا الحديثَ، فقال: إنّ هذا لحدٌ بينَ الصّغيرِ والكبيرِ، وكتبَ إلى عُمّالهِ أنْ يفرضوا لمنْ بلغَ خمسَ عشرةَ)).
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائد منَ الحديث:
- عدمُ تكليفِ الصّبيِّ ما دونَ الخامسةَ عشرَ.
- بلوغُ الصّبيِّ يكونُ ببلوغه خمسَ عشرةَ سنةً.