لقدْ بني المجتمعِ الإسلاميُّ على أسسٍ منَ التّسامحِ والإخاءِ، وقدْ زرعَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كلَّ صفاتِ الأخوةِ في المجتمعِ الإسلاميُّ منذُ وصولهِ المدينةَ المنوّرةِ الّتي أسسَ فيها دولةَ الإسلامِ، وبيّنَ للمسلمينَ أنّهُ لا تماسكَ لمجتمعٍ ولا حضارةَ لدولةٍ دونَ أخوّةِ أفرادها، وقدْ بيّنَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بعضاً منْ صفاتِ الأخوّةِ بينَ المسلمينَ بشواهدَ كثيرةٍ منَ الحديثِ وسنستعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا يحيى بنُ بكيرٍ، حدّثنا اللّيثُ، عنْ عقيلٍ، عنِ ابنِ شهابٍ، أنّ سالماً أخبرهُ، أنّ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما أخبرهُ، أنّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “المسلمُ أخو المسلمِ لا يظلمهُ ولا يُسْلمهُ، ومنْ كانَ في حاجةِ أخيهِ، كانَ اللهُ في حاجتهِ”)). رقمُ الحديث:6951.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الإكراهِ، بابُ: (يمينُ الرّجلِ لصاحبهِ: إنّهُ أخوهُ. إذا خافَ عليه القتل)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ رضي اللهُ عنهما، وهوَ من رواةِ الحديث المكثرينَ فيهِ منَ الصّحابةِ، وبقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- يحيى بن بكير: وهوَ أبو زكريا، يحيى بنُ بكيرٍ القرشيُّ (155ـ231هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- اللّيثُ: وهوَ أبو الحارثِ، اللّيثُ بنُ سعدٍ الفهميُّ (94ـ175هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ أتباع التّابعين.
- عُقيلٌ: وهوَ أبو خالدٍ، عُقيلُ بنُ خالدِ بنِ عقيلٍ الأيليُّ (ت: 144هـ)، وهوَ منَ الرّواةِ الثّقاتِ للحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ شهابٍ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍِ الزّهريُّ (50ـ125هـ)،وهوَ منْ كبارِ التّابعينَ الثّقاتِ المحدّثينَ.
- سالمٌ: وهوَ أبو عمرَ، سالمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُّ (ت: 105هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّوايةِ عنِ الصّحابةِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى صفاتٍ ينبغي أنْ تكونَ بينَ المسلمينَ لتكونَ بينهمْ أخوّةُ الإسلامِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنَّ المسلمَ يجبُ أنْ يكونَ أخٌ للمسلمِ بالإسلامِ الّذي آخا بينَ كلِّ منْ ذاقَ حلاوتهُ، كما بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنَّ هذه الأخوّةِ توجبُ على المسلمِ أنْ لا يظلمَ أخاهُ بأخذِ حقِّهِ أو الاعتداء عليه، كما توجبُ عليه أنْ لا يتركهُ يقعُ في ما يُهْلكهُ ولا يحميهِ، وبيّنَ عليه السّلامُ أنَّ حاجةَ المسلمِ عندَ أخيهِ كحاجةِ اللهِ تعالى عندهُ، والمقصودُ بحاجةِ اللهِ وهوَ غيرُ المحتاجِ لأحدٍ منْ خلقهِ عظَمُ تلبيتهِ لحاجةِ أخيهِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- فضلُ أخوّة الإسلامِ بينَ المسلمينَ في تنظيمِ حياتهم.
- المسلمُ لا يترك أخيه المسلمَ في حاجةٍ ويهبُّ لتلبيتها.