لقدْ أخبر النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنْ بعضِ صفاتِ أصحابِ الجنّةِ وأصحابِ النّارِ الّذين استحقوا بها مصيرهمْ بدخولِهما، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ هذه الصّفاتِ منْ بابِ الدّعوةِ إلى الأخذِ بالحسنةِ منها والبعدِ عنِ السّيئةِ منها، وسنعرضُ حديثاً في بعضِ صفاتِ أصحابِ الجنّةِ وأهل النّارِ.
الحديث
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدُ بنُ المثنّى، حدّثنا غندرٌ، حدّثنا شعبةُ، عنْ معبدِ بنِ خالدٍ، سمعتُ حارثةَ بنَ وهبٍ قال: سمعتُ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يقولُ: “ألا أدلّكمْ على أهل الجنّةِ؟ كلُّ ضعيفٍ متضعّفٍ، لو أقسمَ على الله لأبرّهُ، وأهلُ النّارِ؟ كلُّ جوّاظٍ مستكبرٍ”)). رقمُ الحديث: 6657.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الأيمانِ والنّذورِ، باب: ((قولِ اللهِ تعالى: وأقسموا بالله جهدَ أيمانهمْ))، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ حارثةَ بنَ وهبٍ الخزاعيِّ، وهوَ منْ طبقةِ الصّحابةِ الرّواةِ للحديثِ عنِ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلام، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- محمّدُ بنُ المثنّى: وهوَ أبو موسى، محمّدُ بنُ المثنّى العنْزيُّ (167ـ252هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- غندرٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، محمّدُ بنُ جعفرٍ الهذليُّ (ت:193هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ تبعِ الأتباع أيضاً.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجّاجِ العتكيّ (82ـ160هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ ثقاتِ الرّواةِ للحديثِ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- معبدُ بنُ خالدٍ: وهوَ أبو القاسمِ، معبدُ بنُ خالدٍ الجدليُّ (ت: 118هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ في الرّوايةِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى صفةٍ منْ صفاتِ أهلِ الجنّةِ والنّارِ، وقدْ ذكرَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ صنف منْ أهلِ الجنّةِ، وصنفُ منْ أهلِ النّارِ وصفاتهما، وضربَ للصّحابةِ مثلاً بهما، أمّا صفةُ بعضِ أهلِ الجنّةِ فهي أنّهمْ كانوا ضعفاءَ مستضعفينَ مستبعدونَ منَ النّاسِ في الدّنيا، لكنّهم كانوا يحسنونَ الضّنّ باللهِ ايماناً به واستسلاماً له، وهذه منْ صفاتِ الإيمانِ الّتي استحقوا بها دخولَ الجنّةِ، أمّا صفةُ بعضِ أهلِ النّارِ أنّهمْ كانوا أصحابَ أجسامٍ وقوّةٍ يستكبرونَ في الأرضِ، وفي هذا دلالةُ على أنّ الإيمانَ ودخولَ الجنّةِ لا يكونُ بقوّةِ الأجسادِ بلْ بحسنِ الضّنِّ باللهِ والتّواضعِ له، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- المؤمنُ يحسنُ الضّنَّ بالله تعالى ويستسلمُ له ليكونَ منْ أهلِ الجنّةِ.
- المؤمنُ يبتعدُ عنِ الكبرِ والغرورِ.