إنَّ الصَّلاةَ عمودُ الدِّينِ، وهي منَ العباداتِ الّتي حرصَ الإسلامُ على أدائها في كلِّ الأحوالِ والظّروفِ ولمْ يسقطْها عنْ أيِّ مسلمٍ إلا بعذرٍ كذهابِ العقلِ أوِ الحيضِ أوِ النِّفاسِ للمرأةِ، وقدْ يكونُ الإنسانُ بهِ علَّةٌ فلا يستطيعُ أدائها قائماً، فقدْ رخّصَ الإسلامُ لهُ أنْ يؤدِّيها قاعداً وسنعرضُ حديثاً في هذهِ الرُّخصةِ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ: ((حدَّثنا إسحاقُ بنُ منصورٍ، قال: أخبرنا روحُ بنُ عبادةَ، أخبرنا حُسينٌ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ بريدةَ، عنْ عمرانَ بنِ حصينٍ رضيَ اللهُ عنهُ، أنَّهُ سألَ نبيَّ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وأخبرنا إسحاقُ، قالَ: أخبرنا عبدُ الصّمدِ، قالَ: سمعتُ أبي، قال: حدَّثنا الحسينُ، عنْ أبي بريدةَ، قال: حدَّثني عمرانُ بنُ حصينٍ ـ وكانَ مبسوراً ـ قال: سألْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عنْ صلاةِ الرَّجلِ قاعداً، فقال: (إنْ صلَّى قائماً فهوَ أفضلُ، ومنْ صلَّى قاعداً فلهُ نصفُ أجرِ القائمِ، ومنْ صلَّى نائماً فلهُ نصفُ أجرِ القاعدِ). رقمُ الحديثِ:1115)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحهِ في أبوابِ تقصيرِ الصَّلاةِ؛ بابُ صلاةِ القاعدِ، والحديثُ منْ كريقِ الصَّحابيِّ الجليلِ عمرانٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ أبو نُجيدٍ، عمرانُ بنُ حُصيْنٍ الخزاعيُّ الأزْديُّ، وهوَ منَ الصَّحابةِ الرُّواةِ للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديث:
- إسحاقُ بنُ منصور: وهوَ أبو يعقوبَ الكوسجِ، إسحاقُ بنُ منصورٍ التَّميميُّ (ت:251هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في روايةِ الحديث.
- روحُ بنُ عبادةَ: وهوَ أبو محمد، روحُ بنُ عبادةَ القيسيُّ البصريُّ (ت:205هـ)، وهوَ منَ الرّواةِ المحدِّثينَ من تبعِ الأتباعِ أيضاً.
- حسينٌ: وهوَ الحسينُ بنُ ذكوانَ المعلّمُ (ت:145هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ أتباعِ التَّابعينَ.
- عبدٌ اللهِ بنُ بريدةَ: وهوَ أبو سهلٍ، عبدُ اللهِ بنُ بريدةَ بنِ الحصيبِ الأسلميُّ (15ـ115هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الحديثِ منَ التَّابعينَ.
- عبدُ الصَّمدِ وأبوهُ: وهوَ أبو سهلٍ، عبدُ الصّمدِ بنُ عبدِ الوارثِ التَّميميُّ (ت:206هـ)، وهوَ منْ تبعِ الإتباعِ في الرِّوايةِ، وأبوهُ عبدُ الوارثِ هوَ: أبو عبيدةَ عبدُ الوارثِ التَّميميُّ (102ـ180هـ)، وهوَ منْ أتباعِ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى رخصةِ الصلَّاةِ قعوداً للمريضِ مرضاً يلحِقُ بهِ الأذى إنْ صلَّى قاعداً، وهوَ ما أكَّدهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لعمرانَ بنَ حصينٍ وقدْ كانَ بهِ داءُ البواسير، وأخبرهُ برخصةِ الصَّلاةِ قاعداً، مبيِّناً أفضليَّةِ الصَّلاةِ قائماً بالأجرِ الكاملِ، ونصفُ أجرها لمنْ صلَّى قاعداً، كما بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رخصةَ الصَّلاةِ نائماً ولها نصفُ أجرِ صلاةِ منْ صلَّى قاعداً.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدًّروسِ والفوائدِ منَ الحديث:
- أهميَّةُ الصَّلاةِ وأدائها في جميعِ الأحوالِ.
- مشروعيةُ صلاةِ القاعدِ للمريضِ مع تفاوتِ الأجور.
- مشروعيةُ صلاةِ النائمِ للمريضِ مع تفاوتِ الأجور.