لقدْ أخبرَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أصحابهُ بكثيرٍ منْ أحداثِ السّاعةِ وما يسبقها، وذلكَ بما أوحى اللهُ تعالى إليه، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنَّ السّاعةَ يسبقها علاماتٌ تظهرُ مسبوقةً لها، ومنا تفشّي الفتنُ، وسنعرضُ حديثاً في ما يظهرُ منَ الفتنِ قبيلَ السّاعة.
الحديث
أوردَ الإمامُ البخاريّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا عمرُ بنُ حفصٍ، حدّثنا أبي ، حدّثنا الأعمشُ، حدّثنا شقيقٌ، قال: جلسَ عبدُ الله وأبو موسى فتحدّثا، فقال أبو موسى: قالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “إنّ بينَ يديِ السّاعةِ أياماً، يرفعُ فيها العلمُ، وينزلُ فيها الجهلُ، ويكثرُ فيها الهرجُ”. والهرجُ القتلَ)). رقمُ الحديث:7064.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في كتابِه الصّحيحِ، بابُ: (ظهورِ الفتنِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي موسى الأشعريِّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ اللهِ بنُ قيسٍ الأشعريُّ التّميميُّ، منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم، أمّا بقيّةُ رجالِ الحديثِ البقيّة:
- عمرُ بنُ حفصٍ: وهوَ أبو حفصٍ، عمرُ بنُ حفصِ بنِ غياثٍ النّخعيُّ (ت: 222هـ)، وهوَ منْ تبع أتباعِ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- أبو عمر: وهوَ حفصُ بنُ غِياثٍ النّخعيّ (117ـ194هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- الأعمشُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأعمشُ الأسديُّ (61ـ145هـ)، وهوَ منْ كبارِ مشاهيرِ المحدّثينَ منَ التّابعينَ الثّقات.
- شقيقٌ: وهوَ أبو وائلٍ، شقيقُ بنُ سلمةَ الأسديُّ الكوفيُّ (1ـ82هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّواية للحديثِ منَ التّابعينَ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى علاماتٍ تسبقُ قيامَ السّاعةِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ وهوَ الصّادقُ المصدوقُ أنّ السّاعةَ تقومُ بعدَ ظهورِ علاماتٍ، وقدْ ظهرَ منْ هذه العلاماتِ الكثيرُ في هذه الأيّامُ، وقدْ بيّنها النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ للإنذارِ أنّها تسبقُ السّاعةَ وعلى المسلمُ الحذرَ والعملَ فيها، ومنْ هذه العلامات:
- رفعُ العلمِ: ورفعُ العلمِ أي نقصانُهُ بموتِ العلماءِ وقلّةِ منْ يسلكُ طريقَهُ، فتكادُ هذه الأيامُ تخلو منْ عالمٍ ينشرُ العلمَ ومنْ طالبٍ يطلبهُ.
- نزولُ الجهلِ: ونزولُ الجهلِ بقلّةِ أهلِ العلمِ أوْ قلّةِ منْ يعملُ بهِ.
- كثرةُ الهرجِ: والهرجُ هوَ القتلُ، وفي ذلكَ تكثرُ الفتنُ الّتي تؤدّي إلى القتالِ وقتلِ المسلمينَ بعضهمْ بعضاً.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- صدقُ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بما اوحيَ إليه بالإخبارِ عنْ علاماتِ السّاعة.
- منْ علاماتِ السّاعة: نقصانُ العلمِ وتفشّي الجهلِ وكثرةُ القتلِ.