لقدْ جاءَ الإسلامُ حريصاً على تطبيقِ العدالةِ بينَ أفرادِ المجتمعِ الإسلاميِّ، كما وضعَ الحدودَ لتنظيمِ حياتهمْ ولكي لا تنتقصَ الحقوقُ، وقدْ حرصَ الإسلامُ على تطبيقِ الحدودِ على الضّعيف والقوي، فلا تمييزَ ولا محاباة، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ ذلكَ في الحديثِ، فتعالوا نستعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو الوليدِ، حدّثنا الليثُ، عنِ ابنِ شهابٍ، عنْ عروةَ، عنْ عائشةَ، أنَّ أسامةَ كلّمَ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في امرأةٍ، فقال: “إنّما هلكَ منْ كانَ قبلَكمْ أنّهمْ كانوا يقيمونَ الحدَّ على الوضيعِ ويتركونَ الشّريفَ، والّذي نفسي بيدهِ، لو فاطمةَ فعلتْ ذلكَ لقطَعتُ يدها”)). رقمُ الحديث: 6787.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الحدودِ بابُ: (إقامةِ الحدودِ على الشّريف والوضيعِ)، والحديثُ منْ طريقِ أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها، وهي عائشةُ بنتُ أبي بكرٍ الصّدّيقِ رضيَ اللهُ عنهما، وهي منَ المكثراتِ للحديثِ منَ الصّحابةِ عنِ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- أبو الوليدِ: وهوَ هشامُ بنُ عبدِ الملكِ الباهليُّ الطّيالسيُّ (133ـ227هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- اللّيثُ: وهوَ أبو الحارثِ، اللّيثُ بنُ سعدٍ الفهميّ (ُ94ـ175هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ شهابٍ: وهو أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ مكنْ كبارِ رواة الحديثِ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
- عروةُ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، عروةُ بنُ الزّبيرِ بنِ العوّامِ القرشيّ (ت: 94هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى عدلِ الإسلامِ ومساواتهِ بينَ النّاسِ في تطبيقِ الحدودِ وتطبيقِ شرعِ اللهِ، وقدْ حرصَ الإسلامُ على ذلكَ لكي يكونَ المجتمعُ الإسلاميُّ متساوياً في الحقوقِ والواجباتِ، لا يطغى فيه القويُّ على الضّعيفِ، فكلّهمْ متساوونَ أمام عدلِ الإسلامُ، والحديثُ المذكورُ قدْ وردَ في قصّةِ امرأةٍ مخزوميّةِ سرقتْ، فحاولوا أنْ يتشفّعوا لها عندَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، فبيّنَ النّبيُّ أنّهُ لا شفاعةَ في حدودِ اللهِ ولو كانتْ ابنتهُ فاطمة، وفي هذا بيان أنّ الإسلامِ عدلٌ في تطبيقِ القوانينِ وأنّهُ جاءَ ليلغي ما كان سببُ دمارِ الأممِ السّابقةِ الّتي كانت تطبّق الحدودَ على الضّعيف دونَ الشريف صاحب النّسب والجاه.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد منَ الحديث:
- الإسلامُ جاءَ ليطبّقَ العدالةَ والمساواة.
- لا شفاعة في حدودِ الله.