لقد كانَ في حديث رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ما جاءَ تبياناً لأحكامِ ديننا، ولمْ يوفَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أجلُهُ في الدُّنيا إلَّا وعلَّمَ أصحابهُ أحكامَ عباداتهمْ وكلَّ ما يتعلَّقُ بحكامِ حياتهمْ، وكانَ للصَّحابةِ رضوانُ اللهِ عليهْ فضلُ نقلها إلى الأمَّةِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، ومنَ الأحكامِ الّذي بينها عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الجنائزَ، ومنْ سننها غسلُ الميتِ وتراً، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كتابِ الجنائزِ: ((حدَّثَنا محمَّدٌ، حدّثنا عبدُ الوهَّابِ الثَّقفيُّ، عنْ أيُّوبَ، عنْ محمَّدٍ، عن أمِّ عطيَّةَ رضيَ اللهُ عنها، قالت: دخلَ علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ونحنُ نغسلُ ابنتهُ، فقالَ: ( اغسلْنها ثلاثاً أوْ خمساً، أوْ أكثرَ منْ ذلكَ بماءٍ وسدرٍ، واجْعلنَ في الآخرةِ كافوراً، فإذا فرغتُنَّ فآذِنَّنِي). فلما فرغنا آذنَّاهُ، فألقى إلينا حقوهُ، فقال: أشعرنها إيَّاهُ). رقمُ الحديث: 1254)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديث يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كتاب الجنائزِ؛ بابُ ما يستحبُّ أنْ يُغسلَ وتراً، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيَّةِ الجليلةِ أمُّ عطيَّةَ رضيَ اللهُ عنها، وهيَ نسيبةُ بنتُ كعبٍ الأنْصاريَّةِ، وهيَ منْ راوياتِ الحديثِ منَ الصَّحابةِ، أمَّا بقيَّةُ رجال الحديث:
- محمَّدٌ (1): وهوَ أبو عبدِ اللهِ، محمَّدُ بنُ سلَّامَ السّلميُّ الجمحيُّ (162ـ225هـ)، وهوَ منْ تبعِ الأتْباعِ في رواية الحديث.
- عبدُ الوهّاب الثّقفيُّ: وهوَ أبو محمَّدٍ، عبدُ الوهابِ بنِ عبدِ المجيدِ الثّقفيُّ البصريُّ (108ـ184هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ أتْباعِ التّابعينَ.
- أيُّوبَ: وهوَ أبو بكرٍ، أيُّوبُ بنُ أبي تميمةَ كيسانَ السّختيانيُّ (68ـ131هـ)، وهوَ منْ كبارِ المحدِّثينَ الثِّقاتِ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- محمَّدُ (2): وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ سيرينَ الأنْصاريُّ (ت:110هـ)، وهوَ منْ المحدِّثينَ الثِّقاتِ منَ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديث إلى سنن منْ سننِ الغسلِ للميتِ وأحكامِ الجنائزِ، وهي ممَّا نقلتهُ أمُّ عطيَّةَ الأنْصاريَّةَ عنِ النَّبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عندما دخلَ عليهنَّ في غسلِ ابنتهِ، والمنقولُ أنَّها ابنتهُ زينبَ زوجةِ أبي العاصِ، ومنْ هذهِ السُّننِ غسلُ الميتِ وتراً ثلاثاً أو خمساً أو ما يزيدُ على ذلكَ، وغسل الميتِ بماءٍ وسدرٍ ثمَّ رشُّها بالماءِ الصافي، وغسلٌ بالكافورِ وهوَ نوعٌ منْ أنواعِ النباتات يستخدمُ في العلاجِ وهوَ طاهرُ، وقدْ نقلتْ أمُّ عطيَّةَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سنَّةً مخصوصةً في افتراشِ جسدِ ابنتهِ بازارهِ، وقولهِ لهنَّ اشعرنها إياهُ أي الففنها بهِ.
ما يرشدُ إليه الحديث:
منَ الفوائدِ من الحديثِ:
- سنةُ غسلِ الميتِ وتراً.
- سنَّةُ غسلِ الميتِ بالسدرِ والكافور.