لقدْ أنزلَ الله تعالى القرآنَ على سيّدنا محمّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلَّم، وبيّنهُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ لصحابتهِ الكرامِ الّذينَ حملوا أمانةَ نقالهِ للأجيالِ منْ أمّتهِ منْ بعدهِ، ليبقى محفوظاً في السّطورِ وفي صدورِهمْ، وما وُفيَّ أجلهُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ في الدّنيا إلا وقدْ علّمهُ وما يتّصلُ بهِ منَ العلومِ، وحثّ على استذكاره والمداومةِ على قراءته وحفظه، وسنعرضُ حديثاً في فضلِ استذكارِ القرآنِ الكريمِ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدُ بنُ العلاءِ، حدّثنا أبو أُسامةَ، عنْ بريدٍ، عنْ أبي بردةَ، عنْ أبي موسى، عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “تعاهدوا القرآنَ، فوالّذي نفسي بيدهِ، لهوَ أشدُّ تفصِّياً منَ الإبلِ في عُقُلِها”)). رقمُ الحديث:5033.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ فضائلِ القرآنِ، بابُ استذكارِ القرآنِ وتعاهدهِ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ أبي موسى الأشعريُّ رضي اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ اللهِ بنُ قيسٍ الأشعريُّ التّميميُّ، منَ الصّحابةِ المكثرينَ في رواية الحديث عنْ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، وبقيّةُ رجالِ سندِ الحديثِ هم:
- محمّدُ بنُ العلاءِ: وهوَ أبو كريبٍ، محمّدُ بنُ العلاءِ بنِ كريبٍ الهمدانيُّ (161ـ247هـ)، وهو منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- أبو أسامةَ: وهوَ حمّادُ بنُ أُسامةَ بنِ زيدٍ القرشيُّ (121ـ201هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديث منْ أتباع التّابعينَ.
- بريدٌ: وهوَ أبو بردةَ، بريدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي بردةَ الأشعريُّ، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباع التّابعينَ.
- أبو بردةَ: وهوَ أبو بردةَ بنُ أبي موسى الأشعريُّ (ت: 104هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ ويروي الحديثَ عنْ أبيهِ أبي موسى الأشعريّ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى فضلِ استذكارِ القرآنِ الكريمِ والمداومةِ على حفظهِ وقراءتهِ واستذكارِ ما يحفظُ منهُ، وقدْ أوصى النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أمّتهُ إلى الاستذكارِ للقرآنِ ومعاهدتهِ، والمعاهدةُ تعني الملازمةُ منَ العهدِ بينَ المسلمِ وبينَ كتابِ ربِّهِ، ثمَّ بيَّن النّبيُّ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ أهميّةَ الاستذكارِ والمعاهدةِ للقرآنِ في عدمِ نسيانهِ، وبيّنَ أيضاً سهولةَ نسيانِ المسلمِ للقرآنِ الكريمِ بدونِ الاستذكارِ، وضربَ لنا مثلاً في العهدِ بينَ المسلمِ والقرآنِ كالحبلِ الّذي يُربطُ فيه الجملُ ويكونُ الجملُ كثيرَ التّفلّتِ منهُ وكذلكَ القرآنُ عندَ منْ تركهُ دونَ استذكارٍ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- فضلُ قراءة القرانِ الكريمِ وحفظهِ والمتابعةِ على الاستذكارِ فيهِ.
- سرعةُ نسيانِ القرآنِ دونَ مدارسةٍ واستذكارٍ.
- على المسلمِ توثيقٌ العهدِ بينهُ وبينَ كتابِ ربِّهِ والعملِ بما فيه والمداومةِ عليه.