لقدْ كانَ لرسول الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منَ الصّحابةِ الأخلّاءُ، وقدْ كانوا نبراساً للأمّةِ بعدَ وفاته عليه الصّلاةُ والسّلامُ، وقدْ كانَ للخلفاءِ الأربعةِ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ منَ الفضلِ والمنزلةِ، وقدْ أخبرَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ بذلكَ، كما أخبرَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بكيفيّةِ وفاتهما في حياتهمْ، وهذا منَ علمِ الغيب الّذي اطّلع عليه، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ تعالى في الصّحيحِ: ((وقالَ لي خليفة: حدّثنا محمّدُ بنُ سواءٍ، وكهمسُ بنُ المنهالِ، قالا: حدّثنا سعيدٌ، عنْ قتادةَ، عنْ أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ، قال: صعدَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ إلى أُحدٍ، ومعهُ أبو بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، فرجفَ بهمْ، فضربهُ برجْلهِ، قال: “اثبُتْ أُحُدُ؛ فما عليكَ إلّا نبيُّ، أوصدّيقٌ، أوْ شهيدان” رقمُ الحديث:3686)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيل البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ فضائلِ أصحابِ النّبيِّ، بابُ مناقبُ عمرَ بنِ الخطّابِ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ خادمُ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديث، أمّا بقيّةُ رجال الحديث:
- خليفةُ: وهوَ أبو عمرِو، خليفةُ بنُ خياطٍ العُصفريُّ (ت:240هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- محمّدُ بنُ سواءٍ: وهوَ أبو الخطّابِ، محمّدُ بنُ سواءٍ السّدوسيُّ (117ـ187هـ)، وهوَ منْ المحدّثينَ الثّقات منْ تبع الأتباع أيضاً.
- كهمسُ بنُ المنهال: وهوَ أبو عثمانَ، كهمسُ بنُ المنهال السّدوسيُّ، وهوَ منْ ثقات الحديث منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- سعيدٌ: وهوَ أبو النّضرِ، سعيدُ بنُ أبي عروبةَ العدويُّ (ت:156هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ منْ ثقاتِ أتباع التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى فضل أبي بكرٍ وعمرَ بنِ الخطّابِ وعثمان بنِ عفانَ، وقدْ ذكرَ الحديثُ المذكورُ فيما يرويه أنسُ بنُ مالكٍ قصّةً تبيُّن أثرهمْ وفضلهمْ، وهو أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ خرجَ هوَ وأبو بكرٍ الصّدّيقُ وعمرُ بنُ الخطّابِ وعثمانُ بنُ عفّانَ على جبلِ أحدٍ، فاهتزّ بهمُ الجبلُ فنهره النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ برجلهِ، وقالَ لهُ اثبتْ، ثمّ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ عليه نبيُّ مشيراً إلى نفسه عليه الصّلاةُ والسّلامُ وصدّيقٌ وهوَ أبو بكرٍ وشهيدانِ وهما عمرُ وعثمانُ، وفي هذا الحديثُ قدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منْ علمِ الغيبِ الّذي عُرّفَ بهِ وهوَ نهايةُ أبي بكرٍ وعثمانَ وعليٍّ، وتحققَ ذلكَ بوفاة أبي بكرٍ وفاةً طبيعيّةً واستشهادُ عمرَ بنَ الخطّابِ وعثمانَ بنِ عفّان رضي الله عنهم جميعاً.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائد منَ الحديث:
- إخبارُ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ بأمورٍ منْ علمِ الغيبِ دليلُ على نبوّته.
- فضلُ الصّحابةِ رضوانُ الله عليهم ومنزلتهمْ.
- فضلُ أبي بكرٍ وعمرَ بنِ الخطّابِ وعثمانَ بنِ عفّانَ.