إنّ لبيت الله الحرام شأنٌ عظيمٌ عندَ أمّة الإسلام ففيه أول بيتٍ وضعَ للنّاسِ، وإليه يحجُّ المسلمونَ منْ مشارقِ الأرضِ ومغاربها، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في كثيرٍ منْ شواهدِ الحديثِ فضلُ مكّةَ المكرّمةَ والحجر الأسودِ، وسنعرضُ حديثاً في فضل الحجر الأسود.
الحديث
أوردَ الإمامُ التّرمذيُّ يرحمهُ اللهُ في الجامعِ الصّحيح: ((حدّثنا قتيبةُ، حدّثنا جريرٌ، عنْ عطاءِ بنِ السّائبِ، عنْ سعيدِ بنِ جبيرٍ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، قال: “نزلَ الحجرُ الأسودُ منَ الجنّةِ ، وهوَ أشدُّ بياضاً منَ اللّبنِ، فسوّدتهُ خطايا بني آدمَ”)). حكمُ الحديثِ صحيحٌ، ورقمهُ: (877).
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ أبو عيسى، محمّدُ بنُ عيسى التّرمذيُّ في الجامع الصّحيح، في أبواب الحجّ عنْ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّمَ، بابُ: (فضلُ الحجر الأسود والرّكن والمقام)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ عبدُ اللهِ بنُ عبّاسِ بنِ عبدِ المطّلبِ، حبرُ الأمّة ومنَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابة، أمّا بقيّة رجالِ السّندِ:
- قتيبةُ: وهوَ أبو رجاءٍ، قتيبةُ بنُ سعيدِ بنِ جميلٍ الثّقفيُّ (148ـ240هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- جريرٌ: وهوَ أبو عبدِ الله، جريرُ بنُ عبدِ الحميدِ الضّبّيُّ (110ـ188هـ)، وهو منْ ثقات الرّواية للحديثِ من أتباع التّابعينَ.
- عطاءُ بنُ السّائبِ: وهوَ أبو محمّدٍ، عطاءُ بنُ السّائبِ بنِ مالكٍ الثّقفيُّ (ت: 136هـ)، وهوَ منْ ثقات أتباع التّابعينَ في الحديثِ.
- سعيدُ بنُ جبيرٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، سعيدُ بنُ جبيرِ بنِ هشامٍ الأسديُّ (46ـ95هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويُّ المذكورُ إلى فضل الحجرِ الأسودِ، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّهُ منْ أحجارِ الجنّةِ، وأنّه نزلَ منها شديدُ البياضِ فلوّثتهُ معاصي البشرِ، وقدْ ذهبَ أكثرُ أهل العلمِ إلى أنّ المقصودَ في ذلكَ تكريمُ الحجرِ الأسودِ وتعظيمُ المعاصي الّذي يرتكبها ابن آدمَ، وقيلَ أنّ بياضهُ نسبةً إلى أنّه يكفرُ المعاصي والذّنوبِ، وكما وردَ في شواهد الحديث أنّ الذّنوبُ تصيبُ القلب بسوادٍ ينتشرُ حتى يصبحَ القلبُ أسوداً، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- عظمُ منزلة الحجر الأسودِ وأنّهُ منْ أحجار الجنّة.
- عظم المعاصي والذّنوبِ عندَ الله تعالى.