لقدْ كانَ للمسلمينَ في أعيادهمْ منَ العباداتِ الّتي نقلوها عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، ولا سيَّما أيامَ التَّشريقِ وهي الأيامُ الّتي تكونُ في الحادي عشرَ والثَّاني عشرَ والثَّالثُ عشرَ منْ شهرِ ذي الحجَّةِ، وقدْ ثبتَ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أفضليَّةُ العملِ فيهما، وسنعرضُ حديثاً في فضلِ العملِ في أيامِ التَّشريقِ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كتابِ العيدينِ: ((حدَّثَنا محمَّدُ بنًُ عرعرةَ، قال: حدَّثَنا شعبةُ، عنْ سليمانَ، عنْ مسلمٍ البَطينِ، عنْ سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ عنِ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ قال: (ما العملُ في أيَّامِ العشرِ أفضلَ منَ العملِ في هذهِ). قالوا: ولا الجهادُ؟ قال: (ولا الجهادُ، إلَّا رجلٌ خرجَ يُخاطرُ بنفسهِ ومالهِ فلمْ يرجعْ بشيءٍ). رقمُ الحديثِ:969)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ العيدينِ، بابُ فضل العملِ في أيَّامِ التَّشريقِ، والحديثُ منْ طريقِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ ابنُ عمِّ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ومنَ المكثرينَ في روايةِ الحديثِ منَ الصَّحابةِ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديث:
- محمَّدُ بنُ عرعرةَ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، محمَّدُ بنُ عرعرةَ القرشيُّ السَّاميُّ (138ـ213ههـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجَّاجِ العتكيُّ (82ـ160هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ المشهورينَ الثِّقاتِ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- سليمانُ: وهوَ أبو محمَّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ والمعروفِ بالأعمش (61ـ145هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التَّابعينَ في رواية الحديث.
- مسلمٌ البَطينُ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، مسلمُ بنُ عمرانَ الكوفيُّ الأسديُّ، وهوَ منَ المحدِّثينَ منَْ أتباع التَّابعين.
- سعيدُ بنُ جبيرٍ: وهوَ أبو محمَّدٍ، سعيدُ بنُ جُبيرِ بنِ هشامٍ الأسديُّ (46ـ95)، وهوَ منَ الثِّقاتِ المحدِّثينَ المشهورينَ منَ التَّابعين.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى أفضليَّةِ العملِ في أيَّامِ التَّشريقِ وهي أيامُ النَّحرَ بعدَ يومِ عرفةَ، وقدْ جعلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ العملَ في تلكَ الأيامِ أفضلَ منَ العشرِ منْ ذي الحجَّةِ وأفضلُ منَ الجهادِ، ومنْ كلِّ الأعمالِ إلَّا عملَ رجلٍ خرجَ مُجاهداً في سبيلِ اللهِ بنفسهِ ومالهِ فقدَّمَ مالهُ وزهقتْ روحهُ فذلكَ العملُ أفضلُ، واللهُ أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث:
من الدُّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديث:
- فضلُ أيَّامِ التَّشريق والعملِ فيها وأفضليَّتها.
- فضلُ منْ أنفقَ مالهُ وقدَّمَ نفسهُ في سبيلِ اللهِ إرضاءً لله.