لقدْ كانَ للصَّلاةِ المفروضةِ منَ النَّوافلِ الّتي لمْ يكنِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يدْعما، وكانَ عليهِ الصَّلاةُ والسّلامُ يؤكِّدُ عليها ويعلِّمها للصَّحابةِ رضوانُ اللهِ عليهمْ، الّذينَ اقتدوْا بهِ ونقلوها لمنْ جاءَ بعدهمْ، وها نحنُ نقتفي بأثرهمْ ونأخذُ منْ طريقهْم ذاكَ العلم، وسنعرضُ حديثاُ في نافلةٍ منَ النَّوافلِ وهي سنَّةُ الفجر.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ: ((حدَّثَنا عبدُ اللهِ بنُ يزيدَ، حدَّثَنا سعيدٌ ـ هوَ ابنُ أبي أيُّوبَ ـ قال حدَّثَني جعفرُ بنُ ربيعةَ، عنْ عراكِ بنِ مالكٍ، عنْ أبي سلمةَ، عنْ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها، قال: صلَّى النّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ العشاءَ، ثمَّ صلَّى ثماني ركعاتٍ وركعتينِ جالساً، وركعتينِ بينَ النِّدائينِ، ولمْ يكنْ يدَعهما أبداً)). رقم الحديث:1159.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في بابِ التَّهجُّدِ باللّيلِ، بابُ المداومة على ركعتيِّ الفجرِ، والحديثُ منْ طريقِ أمِّ المؤمنينَ عائشةُ رضيَ اللهُ عنها، وهيَ عائشةُ بنتُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضيَ اللهُ عنهما، وهي منَ المكثراتِ في روايةِ الحديثِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهمْ:
- عبدُ اللهِ بنُ يزيدَ: وهوَ أبو عبدِ الرَّحمنِ القصير، عبدُ اللهِ بنُ يزيدَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ القرشيُّ المقرئ (120ـ213هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتباعٍ التَّابعينَ في روايةِ الحديث.
- سعيدٌ: وهوَ أبو يحيى، سعيد بنُ أبي أيُّوبَ مقلاص الخزاعيُّ (100ـ161هـ)، وهوَ منْ تبعِ الأتباعِ أيضاً.
- جعفرُ بنُ ربيعةَ: وهوَ أبو شرحبيلَ، جعفرُ بنُ ربيعةَ الكنديُّ (ت:136هـ)، وهوَ منْ أتْباعِ التّابعينَ في رواية الحديث.
- عراكُ بنُ مالكٍ: وهوَ عراكُ بنُ مالكٍ الغفاريُّ الكنانيُّ (ت: بعدَ 100هـ)، وهوَ منَ التَّابعينَ الثِّقاتِ في روايةِ الحديث.
- أبو سلمةَ: وهوَ أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرّحمنِ بنِ عوفٍ القرشيُّ (ت:94هـ)، وهوَ منَ التَّابعينَ الثِّقاتِ منَ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى فضلِ صلاةِ الليلِ بما كانَ منْ عملِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، كما يشيرُ إلى سنَّةٍ منَ السُّننِ الّتي كانَ النَّبيُّ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ لا يتركُها وهي ركعتي الفجرِ، وقولُهُ بينَ النِّدائينِ أيْ بين الأذانِ للفجرِ والإقامةِ، وقدْ استدلَّ بعضُ الفقهاءِ على وجوبها ومنهمُ الإمامُ الحسنُ البصريُّ، ولكنَّ الرَّاجحَ منَ الأقوالِ أنَّها سنَّةُ مؤكَّدةُ منْ فعلِ النَّبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، واللهُ تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- مداومةُ النَّبيِّ على صلاةِ اللّيلِ وركعتي الفجرِ.
- أجرُ ركعتي الفجرِ لمداومتهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عليهما.