لقدْ خلقَ الله تعالى الإنسانَ في الأرضِ وأمرهُ بعبادته بما يرضيه، فأمرهُ بالعبادات وحرّمَ عليه المعاصي، وقدْ يخطئ الإنسانُ ويعصي ربّهُ عزّ وجلَّ، فيستغفرهُ منَ الذّنبِ لأنّهُ يعلمُ أنّ لهُ ربٌّ يغفرُ الذّنوبَ جميعاً، وقدْ بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّ الله تعالى يقبلُ توبة العبدِ إذا جاءه تائباً، وسنعرضُ حديثاً في قبول التوبة.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ الله في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدُ بنُ المثنّى، حدّثنا محمّدُ بنُ جعفرٍ، حدّثنا شعبةُ، عنْ عمرو بنِ مرّةَ، قال: سمعتُ أبا عبيدةَ يحدّثُ عنْ أبي موسى، عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “إنّ الله عزّ وجلَّ يبسطُ يدهُ باللّيلِ ليتوبَ مسيءُ النّهارِ، ويبسطُ يدهُ بالنّهارِ ليتوبَ مسيءُ اللّيلِ، حتّى تطلعَ الشّمسُ منْ مغربها”)). رقمُ الحديث: 31/2759.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ التّوبةِ، بابُ: (قبولُ التّوبةِ منَ الذّنوبِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي موسى الأشعريِّ رضيَ الله عنهُ، وهوَ عبدُ الله بنُ قيسِ بنِ سليمٍ الأشعريُّ، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- محمّدُ بنُ المثنّى: وهوَ أبو موسى، محمّدُ بنُ المثنّى بنِ عبيدٍ العنزيُّ (167ـ252هـ)، وهوَ منْ رواة الحديثِ منَ الثّقاتِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- محمّدُ بنُ جعفرٍ: وهوَ أبو عبدِ الله، غندرُ، محمّدُ بنُ جعفرٍ الهذليُّ (ت: 193هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ تبعِ الأتباع أيضاً.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجّاجِ العتكيُّ (82ـ160هـ)، وهوَ منْ مشاهير ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- عمرو بنُ مرَة: وهوَ أبو عبدِ الله، عمرو بنُ مرّةَ بنِ عبدِ الله الجمليُّ (ت: 118هـ)، وهوَ منْ ثقات الرّواية للحديثِ منَ التّابعينَ.
- أبو عبيدةَ: وهوَ عامرُ بنُ عبدِ الله بنِ مسعودٍ الهذليُّ (ت: 81هـ)، وهوَ منْ ثقات التّابعينَ في رواية الحديثِ عنِ البصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى قبولِ التّوبة منَ العبدِ، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ أنّ الله تعالى يفتحُ بابَ التّوبة للعبدِ منَ الذّنوبِ دائماً وأبداً، وبسطُ اليدِ لله تعالى في الحديثِ هوَ خطابُ بلغة العربِ الّتي تشيرُ بذلكَ إلى القبولِ وعدمِ الرّدِ، وقدْ بيّن أهلُ العلمِ نفي اليدِ المجسّمة لله تعالى، كما بيّن عليه الصّلاة والسّلامُ قبول التوبة في النّهارِ لمنْ أذنبَ ليلاً وقبولُ توبة النّهار لمسيء اللّيلِ حتّى تطلعَ الشّمسُ منَ المغربِ وهوَ نهايةُ قبول التوبة فلا توبةَ بعدها.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد من الحديث:
- رحمة الله تعالى بالمذنب في قبول توبته.
- قبول توبة العبدِ منَ الذّنوب دائماً وأبداً.