وما زلنا في مدرسة محمّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، نتعلّمُ منها ما وردّ منْ طريقِ صحابتِه الكرامِ منَ الأحكامِ والآدابِ، وما علّمهمْ منْ أخلاقهِ، وقدْ بيّنَ آداباً كثيرةً منها التأدب معَ الوالدينِ وجعلَ سبّهما منَ الكبائرِ، وسنعرضُ حديثاً في هذه الكبيرة.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدّثنا إبراهيمُ بنُ سعدٍ، عنْ أبيه، عنْ حميدِ بنِ عبدِ الرّحمنِ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ عمرو رضيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “إنَّ منْ أكبرِ الكبائرِ أنْ يلعنَ الرّجلُ والديهِ”. قيلَ: يا رسولَ اللهِ، وكيفَ يلعنُ الرّجلُ والديهِ؟ قال: “يسبُّ الرّجلٌ أبا الرّجلِ فيسبُّ أباهُ وأمّهُ”)). رقمُ الحديث: 5973.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الأدبِ، بابُ: (لا يسبُّ الرّجلُ والديهِ)، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ القرشيُّ رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ منَ المكثرينَ في روايةِ الحديثِ منَ الصّحابةِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، أمّا رجالُ السّندِ البقيّة:
- أحمدُ بنُ يونسَ: وهو أبو عبدِ اللهِ، أحمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ يونسَ التّميميُّ (133ـ227هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- إبراهيمُ بنُ سعدٍ: وهوَ أبو إسحاقَ، إبراهيمُ بنُ سعدٍ القرشيُّ الزّهريُّ (108ـ182هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباع التّابعينَ.
- أبو إبراهيم بنْ سعدٍ: وهوَ أبو إسحاقَ، سعدُ بنُ إبراهيمَ بنِ عبدِ الرّحمنِ بنِ عوفٍ القرشيّ (55ـ125هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
- حميدُ بنُ عبدِ الرّحمنِ: وهوَ أبو إبراهيمُ، حميدُ بنُ عبدِ الرّحمنِ بنِ عوفٍ القرشيُّ (32ـ95هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التّابعينَ في الرّوايةِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى كبيرةٍ عدّها النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منْ أكبرِ الكبائرِ الّتي تستوجبُ غضبَ اللهِ تعالى وعذابهِ، وهي سبُّ الرّجلِ والديهِ، وذلكَ لحرمةِ الاعتداء على حقِّ الوالدينِ في البرِّ والإحسانِ، ووجوبِ طاعتهما وعدمِ العقوقِ بهما، وكيفيّةُ سبِّ الرّجلِ والديهِ المذكورةُ بالحديثِ تشيرُ إلى ضرورةِ أخذِ الحيطة منَ الوقوعِ في هذه الكبيرةِ بسبِّ الرّجلِ أبا أحدٍ فيكونُ نتيجةُ ذلكَ سبّهُ لوالديهِ، كما يبيّنُ الحديثُ عظمَ السّبِّ والشّتمِ لما يكونُ لهُ منْ نتائجَ لا يقبلهما الإسلامُ على المسلمِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- عظمُ مكانةِ الوالدينِ في الإسلامِ ووجوب برّهما والإحسانِ إليهما.
- عظمُ كبيرةِ ما يؤدي بإلحاقِ السّبِّ والشّتمِ للوالدينِ.