لقدْ خلقَ اللهُ تعالى الإنسانَ واستخلفهُ في الأرضِ، وجعلَ لهُ نصيباً منَ الحياةِ وملذّاتها، كما جعلَ لهُ منَ الابتلاءاتِ ما يؤجرُ عليها المؤمنونَ الصّابرونَ، وقدْ تضيقُ الحياةُ بالمؤمنِ، فهلْ يتمنّى الموتَ؟، وما حكمُ تمنّي الموت، تعالوا فلنستعرض حديثاً في حكمِ تمنّي الموت.
الحديث
يروي الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا عبدُ اللهِ بنُ محمّدٍ، حدّثنا هشامُ بنُ يوسفَ، أخبرنا معمرٌ، عنِ الزّهريِّ، عنْ أبي عُبيدٍ ـ اسمهُ سعدُ بنُ عبيدٍ، مولى عبدُ الرّحمنِ بنِ أزهرَ ـ عنْ أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “لا يتمنّى أحدكمُ الموتَ؛ إمّا محسِناً فلعلّهُ يزدادُ، وإمّا مسيئاً فلعلّهُ يستعتبُ”)). رقمُ الحديث:7235.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيح في كتابِ التّمنّي، بابُ: (ما يكرهُ منَ التّمنّي)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ عنْ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّم، أمّا بقيّةُ رجالِ السّندِ الآخرونَ:
- عبدُ اللهِ بنُ محمّدٍ: وهوَ أبو جعفرٍ، عبدُ اللهِ بنُ محمّدِ بنِ عبدِ اللهِ المسنديُّ (ت: 229هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّوايةِ للحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- هشامُ بنُ يوسفَ: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، هشامُ بنُ يوسفَ الصّنعانيُّ (124ـ197هـ)، وهوَ راوٍ ثقة منْ رواةِ الحديثِ منْ تبع الأتباع أيضاً.
- معمرٌ: وهوَ أبو عروةَ، معمرُ بنُ راشدٍ الأزديُّ (96ـ150هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباع التّابعينَ.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التّابعينَ وأشهرهمْ في رواية الحديثِ.
- أبو عبيدٍ: وهوَ سعدُ بنُ عبيدٍ الزّهريُّ (ت: 98هـ)، وهوَ منَ الرّواةِ للحديثِ منَ التّابعينَ الثّقات.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويُّ المذكورُ إلى ما يكرهُ منَ التّمنّي، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنَّ تمنيّ الموتَ ممّا يكرهُ منَ التمنّي، وعلى المسلمِ الصّبرَ في ما يلاقي منِ ابتلاءاتِ الدّنيا، وقدْ بيّنَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنَّ الّذي يتمنّى الموتَ إمّا أنْ يكونَ منْ اهلِ الإحسانِ فيصبرُ فيزدادُ احسانهُ وعملهُ، وإمّا أنْ يكونَ مسيئاً فيريدُ اللهُ أنْ يتوبَ عليهِ ويستغفرُ ويرجعُ إلى طريقِ الصّوابِ، وعلى المؤمنِ أنْ يحسنَ ضنّهُ باللهِ ويستعينُ بهِ على نوائبِ الدّهرِ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- كراهةُ تمني الموتَ والصّبرُ على الابتلاءِ.
- الإيمانُ بالقضاءِ والقدرِ واستوداعُ الحياةِ لله تعالى.