لقدْ بعثَ اللهُ تعالى النّبيَّ محمّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رسولاً إلى هذه الأمّةِ وإلى سائرِ الأممِ، وفضّلهُ على البشرِ والأنبياءِ بكثيرٍ منَ الجوانبِ، وأكّدَ اللهُ تعالى على بشريّةِ الرّسولِ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ وطباعه البشرية، فهنالكَ ما يزعجهُ ويكرههُ، وسنعرضُ حديثاً في كراهتهِ عليهِ السّلامُ في التّكنِّي بكنيتهِ لموقفٍ حصلَ معه.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصّحيحِ في كتابِ البيوع: ((حدّثنا آدمُ بنُ أبي إياسٍ، حدّثنا شعبةُ، عنْ حميدٍ الطّويلِ، عنْ أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ الله عنهُ، قال: كانَ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في السّوقِ، فقالَ رجلٌ: يا أبا القاسمِ. فالتفتَ إليه النّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فقال: إنَّما دعوتُ هذا. فقالَ النّبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: سمُّوا بإسمي، ولا تَكنَّوْا بكنيتي)). رقمُ الحديث: 2120.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ البيوعِ؛ بابُ ما ذكرَ في الأسواقِ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ خادمُ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنسُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ النّجّاريُّ (ت:90هـ)، وهوَ منَ المكثرينَ في روايةِ الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ:
- آدمُ: وهوَ أبو الحسنِ، آدمُ بنُ أبي إياسٍ العسقلانيُّ (132ـ220هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ في روايةِ الحديث.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجّاجِ بنِ الوردِ العتكيُّ الأزديُّ (82ـ160هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الحديثِ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- حميدٌ الطّويلُ: وهوَ أبو عبيدةَ، حميدُ بنُ تيرَ الطّويل الخزاعيُّ البصريُّ (68ـ143هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
بشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى حكمِ التّسميةِ باسمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ والتّكنّي بكنيته، وهوَ ما جاءَ منْ حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ في جوازِ التّسميةِ باسمهِ والنّهيِّ عنِ التّكنّي بكنيتهِ وهيَ أبي القاسم، وقدْ بيّنَ الحديث أنّ النّهيَ عنِ التّكنّي بكنيتهِ منْ قصةٍ حدثتْ معَ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بينما كانَ يمشي في السّوقِ وقيلَ في البقيعِ وقيلَ في سوقِ البقيعِ، فنادى أحدُهمْ أحداً بأبي القاسمِ وهي كنيتهُ، فتلفّتَ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إليهِ، فإذا بذلكَ الرّجلِ ينادي رجلاً آخرَ، فكأنَّ النّبيَّ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ قدْ كرهَ ذلكَ، فقالَ:(سمّوا بإسمي ولا تَكنّوْا بكنيتي)، وقدْ ذهبَ العلماءُ إلى أنَّ النّهيّ منَ النّبيِّ نهيُ كراهةٍ لا تحريمٍ، كما ذهبَ آخرونَ إلى أنَّهُ نهيُ تحريمٍ، وجمعُ آخرونَ بينَ الأقوالِ بأنَّ التحريمَ في زمنِ النّبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وكراهةُ لما بعدَ زمنهِ عليهِ السّلامُ، واللهُ تعالى أعلمُ.
ما يرشدُ إليهِ الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- تأكيدُ بشريةِ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
- جوازُ التّسميةِ باسمهِ والنّهيِّ عنِ التّكنّي بكنيتهِ عليهِ السّلامُ.